التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ
٢٤
وَٱسْتَبَقَا ٱلْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى ٱلْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٢٥
-يوسف

حاشية الصاوي

قوله: (وجواب لولا لجامعها) أي فيكون المعنى، امتنع جماعه لها لرؤيته برهان ربه، وقيل: إن قوله: { وَهَمَّ بِهَا } هو الجواب، والمعنى: ولولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها، امتنع همه بها لرؤية برهان ربه، فلم يقع همّ أصلاً، وحينئذ فالوقف على قوله: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ } وهذا هو الأحسن في هذا المقام، لخلوه من الكلفة والشبهة.
قوله: { كَذَلِكَ } (أريناه) إلخ، أشار بذلك إلى أن الكاف مع مجرورها في محل نصب معمول لمحذوف، وقوله: { لِنَصْرِفَ } متعلق بذلك المحذوف. قوله: { ٱلْمُخْلَصِينَ } (في الطاعة) أي الذين لا يشركون في طاعته غيره. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (بفتح اللام) أي اسم مفعول من أخلصه أي اجتباه واختاره.
قوله: { وَٱسْتَبَقَا ٱلْبَابَ } حكمة إفراد الباب هنا وجمعه فيما تقدم، أنها لم تتمكن من المراودة، إلا بعد غلق تلك الأبواب، وأما فراره وتسابقهما، فلم يكن إلا عند باب على تلك الأبواب. إن قلت: مقتضى قوة الرجولية أنه يسبقها ولم يعقه عائق. أجيب: بأن الذي عاقه عن السبق، إنما هو الاشتغال بفتح الأبواب. قوله: (للتشبث) أي التعلق. قوله: (فأمسكت ثوبه) أي وقطعت منه قطعة بقيت في يدها. قوله: { لَدَى ٱلْبَابِ } أي البراني الأقصى. قوله: (فنزهت نفسها) أي بادرت بذلك. قوله: { مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ } إلخ، ما يحتمل أن تكون نافية أو استفهامية، ومن موصولة أو نكر موصوفة.
قوله: { إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في ذلك إشارة لطيفة، إلى أن زليخا لشدة حبها ليوسف، بدأت بذكر السجن لخفته، وأخرت العذاب لشدته، لأن المحب لا يسعى في إيلام المحبوب، وأيضاً فإن قولها: { إِلاَّ أَن يُسْجَنَ } فيه إشارة إلى أنها أرادت تخفيف السجن، وإلا فلو أرادت التطويل والتعذيب بالسجن لقالت: إلا جعله من المسجونين، كما قال فروعون لموسى:
{ لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } [الشعراء: 29].