التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٦٢
فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
٦٣
قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ
٦٤
وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ
٦٥
-يوسف

حاشية الصاوي

قوله: { ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ } أي فقد وكل بكل رجل واحداً من غلمانه، ويضع فيه ثمن الطعام الذي في هذا الرحل. قوله: (وكانت دراهم) وقيل كانت نعالاً وجلوداً، والأقرب الأول، لأن شأن الدراهم أن تخفى، ولا شك أنهم لم يعلموا بها إلا عند تفريغ أوعيتهم. قوله: (لأنهم لا يستحلون إمساكها) أي لأن ديانتهم وأمانتهم، تحملهم على رد البضاعة إليه إذا وجدوها، لأنهم مطهرون من أكل ما لم يحل لهم، وقيل قصد يوسف بذلك، مواساة أبيه وإخوته، خوفاً أن لا يكون عندهم شيء من المال، وقيل أراد أن يريهم بره وكرمه، ليكون ذلك باعثاً لهم على الرجوع، وقيل رأى أن أخذ ثمن الطعام من أبيه وإخوته لؤم، وقيل أراد أن يحسن إليهم على وجه لا يلحقهم فيه منة ولا عيب.
قوله: { فَلَمَّا رَجَعُوا } أي التسعة لما تقدم أنه أخذ شمعون رهينة على أن يأتوه ببنيامين. قوله: { مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ } أي بعد هذه المرة. قوله: (بالنون والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان، وأصل نكتل نكتيل، تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً ثم حذفت لالتقاء الساكنين. قوله: { هَلْ آمَنُكُمْ } الاستفهام إنكاري، ولذا فسر هل بما، والمعنى كيف آمنكم على ولدي بنيامين، وقد فعلتم بأخيه يوسف ما فعلتم، وأنكم ذكرتم مثل هذا في شأن يوسف حيث قلتم { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } فلما لم يحصل الحفظ هناك، فكيف آمنكم هنا. قوله: { إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ } الكاف بمعنى مثل صفة لمصدر محذوف، والتقدير إلا ائتماناً مثل ائتماني لكم على أخيه، إلخ. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (تمييز) أي على كل من القراءتين. قوله: (فأرجو أن يمن بحفظه) أي ولا يجمع على مصيبتين، قال كعب الأحبار: لما قال الله له: لأردن عليك كليهما حيث توكلت علي واستحفظتني عليه.
قوله: { وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ } أي بحضرة أبيهم. قوله: { وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ } أي وهي ثمن الميرة. قوله: (أعظم من هذا) ورد أنهم قد كانوا ذكروا ليعقوب إحسان ملك مصر إليهم، وحثوا يعقوب على إرساله بنيامين معهم، فلما وجدوا بضاعتهم ردت إليهم، قالوا أي شيء نطلب بعد هذا الإكرام، أوفى لنا الكيل ورد لنا الثمن، لو كان رجلاً من أولاد يعقوب ما أكرمنا كرامته، فقال لهم يعقوب: إذا رجعتم إلى مصر، فأقرئوه مني السلام وقولوا له: إن أبانا يصلي عليك، ويدعو لك بما أوليتنا. قوله: { وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ } أي على أحمالنا.