التفاسير

< >
عرض

جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ
٢٩
وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ
٣٠
قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ
٣١
-إبراهيم

حاشية الصاوي

قوله: { يَصْلَوْنَهَا } حال من القوم.
قوله: { وَجَعَلُواْ } عطف على ما بدلوا. قوله: { أَندَاداً } جمع ند بمعنى النظير. قوله: { لِّيُضِلُّواْ } اللام للعاقبة والصيرورة، لأن اتخاذهم الأنداد، ليس لأجل الضلال، بل لكونهم يقربونهم إلى الله زلفى. قوله: (بفتح الياء وضمها) أي فهما قراءتان سبعيتان، والمعنى ليضلوا في أنفسهم وهذا على الفتح، أو ليضلوا غيرهم وهذا على الضم. قوله: (بدنياكم) أي أو بعبادتكم الأصنام، لأنها من جملة الشهوات التي يتمتع بها، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإن هذا تهديد لكل ظالم. قوله: { فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } أي مآلكم إليها.
قوله: { قُل لِّعِبَادِيَ } بثبوت الياء مفتوحة، وبحذفها لفظاً لا خطاً، قراءتان سبعيتان هنا وفي أربعة مواضع من القرآن، في سورة الأنبياء في قوله:
{ { أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ } [الأنبياء: 105]. وفي العنكبوت في قوله: { { يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ } [العنكبوت: 56]. وقوله في سبأ { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ } [سبأ: 13]. وقوله في سورة الزمر { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } [الزمر: 53]. والإضافة في عبادي للتشريف، ولذا قال العارف:

ومما زادني شرفاً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبياً

قوله: { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي اتصفوا بالإيمان، وفي ذلك إشارة إلى أن الصلاة والزكاة وغيرهما من وجوه البر، لا تكون إلى لمن اتصف بالإيمان، فلا تنفع الكافر في حال كفره، فلا ينافي أنه مخاطب بفروع الشريعة، لكن لا تصح منه إلا الإسلام، وفائدة خطابه بها، أنه يعذب عليها زيادة على عذاب الكفر، بدليل قوله تعالى: { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ } [المدثر: 42-44] الآية. قوله: { وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } أي النفقة الواجبة كالزكاة، والمندوبة كالتطوعات، وقوله: { سِرّاً وَعَلانِيَةً } أي فالإنسان مخير في الاتفاق، إما سراً، أو جهراً، لكن الأفضل في الوادبة الجهر، لئلا يتهم بقلة الدين، وفي التطوعات السر، لكونه أقرب إلى الاخلاص. قوله: (فداء) مشى المفسر على أن المراد بالبيع الفداء، مشى غيره على إبقاء البيع على ظاهره، أي لا شيء يباع فيه للفداء. قوله: (مخالة) أشار المفسر إلى أن قوله: { خِلاَلٌ } مصدر بمعنى المخالة، وقال غيره إن خلال جمع خلة، كقلال جمع قلة. قوله: (أي صداقة تنفع) هذا محمول على الكفر بدليل آية الزخرف { { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } [الزخرف: 67]، فالمتقون لهم الأخلاء يوم القيامة، وفي القبور، وفي كل موطن مخوف، والكفار قد تقطعت بهم الأسباب، فليس لهم أخلاء نافعون أصلاً.