التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوۤاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ ٱلْمَالِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي ٱلْعِلْمِ وَٱلْجِسْمِ وَٱللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
٢٤٧
وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ
٢٤٨
-البقرة

حاشية الصاوي

قوله: { سَعَةً } أصله وسع حذفت فاء الكلمة وهي الواو وعوض عنها تاء التأنيث ما في عدة وزنه، وحذف في مضارعه لوقوعها بين عدوتيها لأن أصله يوسع. قوله: (وكان أعلم بني إسرائيل) أي فكان يحفظ التوراة، وقوله: (وأتمهم خلقاً) أي فكان يزيد على أهل زمانه يكتفيه ورأسه. قيل ورد أنه لما دعا شمويل ربه أن يبعث لهم ملكاً أعطاه الله قرناً فيه طيب ويسمى طيب القدس وعصا، وأوحى إليه إذا دخل عليك رجل اسمه طالوت فانظر في القرن فإذا فار فادهن رأسه به وقسه بالعصا، فإذا جاء طولها فهو الملك فلما دخل عليه فعل به كما أمر فإذا هو طولها، ثم دهن رأسه بذلك الدهن وقال له إن الله جعلك ملكاً على بني إسرائيل، فقال كيف ذلك مع أني أدنى منهم فقال له: الله يؤتي ملكه من يشاء. قوله: { عَلِيمٌ } (بمن هو أهل له) أي فلا حرج عليه في فعل ولا ترك.
قوله: { قَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ } أي حين استبعدوا مجيء الملك له. قوله: لما طلبوا منه آية) لما بمعنى حين ظرف لقوله قالوا أي وقع منهم القول وقت طلبهم منه آية. قوله: (الصندوق) ويقال بالزاي والسين وكل من الثلاثة إما مفتوح أو مضوم أفصحها بالصاد مع الضم، وكان من خشب الشمشار وطوله ثلاثة أذرع، وعرضه ذراعان مموه بالذهب، وكان عند آدم فيه صور الأنبياء جميعهم، وفيه صورة محمد وبيته وأصحابه وقيامه يصلي بينهم، ثم توارثه ذرية آدم إلى أن وصل لموسى فكان يضع فيه التوراة ووضع فيه بقية الألواح التي تكسرت، ثم أخذه بنو إسرائيل بعد موسى، وكانوا إذا خرجوا للقتال يقدمونه بين أيديهم، وكانت الملائكة تحمله فوق رؤوس المتقاتلين، ثم يشرعون في القتال فإذا سمعوا صيحة تيقنوا النصر، فلما انقرضت أنبياؤهم سلط الله عليهم العمالقة بسبب فسادهم فأخذوا منهم الصندوق وجعلوه في موضع البول والغائط، فلما أراد الله إظهار ملك طالوت سلط عليهم البلاء، فكان كل من بال عنده ابتلي بالبواسير، حتى خرجت خمس بلاد من بلادهم، فلما كبر خوفهم منه أخرجوه للخلاء، ثم حملته الملائكة وأتت به طالوت. قوله: (أنزل الله على آدم) أي ثم توارثه ذريته من بعده. قوله: فغلبتهم العمالقة) أي بعد موت أنبيائهم. قوله: (وكانوا يستفتحون به) أي يطلبون الفتح والنصر به. قوله: (ويسكنون إليه) أي يطمئنون بقدومه على العدو. قوله: (طمأنينة لقلوبكم) أي ففي للسببية فالمعنى أن السكينة تحصل بسببه ومن أجله، وقيل المراد بالسكينة صورة من زبرجد على صورة الهرة غير أن لها جناحين فإذا صوتت في الصندوق استبشروا بالنصر، وقيل المراد بالسكينة صورة الأنبياء، فالظرفية على بابها. قوله: (أي تركاهما) بيان للمراد من الآية فأطلق الآل وأراد منه نفس موسى وهارون، وكثيراً ما يطلق آل الرجل على الرجل نفسه. قوله: { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي إتيان التابوت على الوصف المذكور. قوله: (فاختار من شبابهم) أي الدين لا شاغل لهم دنيوي لأنه كان لا يأخذ من كان عنده بناء لم يتم، ومن عقد على زوجة ولم يدخل بها، ومن كان مشغولاً بتجارة. قوله: (سبعين ألفاً) وقيل ثمانون ألفاً وقيل مائة ألف وعشرون ألفاً.