التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ
٦٥
فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ
٦٦
وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ
٦٧
قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ فَٱفْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ
٦٨
قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ
٦٩
-البقرة

حاشية الصاوي

قوله: { ٱلَّذِينَ } مفعول علمتم واعتدوا صلته وأصله اعتديوا تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً ثم حذفت لالتقاء الساكنين. قوله: { مِنْكُمْ } جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل اعتدوا. قوله: { فِي ٱلسَّبْتِ } هو لغة القطع وهو أصل وضعه لأنه ورد أن الدنيا ابتدئت بالأحد وختمت بالجمعة فكان يوم السبت يوم انقطاع عمل خصت اليهود به لقطعهم عن رحمة الله، أو مأخوذ من السبوت وهو السكون لان انقطاع العمل السكون. قوله: (وهو أهل أيلة) حاصله أن سبعين ألفاً من قوم داود كانوا بقرية تسمى أيلة عند العقبة في أرغد عيش، فامتحنهم الله بأن حرم عليهم اصطياد السمك يوم السبت وأحل لهم باقي الجمعة، فإذا كان يوم السبت وجدوا السمك بكثرة على وجه الماء وفي باقيها لم يجدوا شيئاً، ثم إن إبليس علمهم حيلة يصطادون بها فقال لهم اصنعوا جداول حول البحر فإذا جاء السمك ونزل في الجداول فسدوا عليه وخذوه في غير يوم السبت، فافتقروا ثلاث فرق، فاثنا عشر ألفاً فعلوا ذلك واصطادوا وأكلوا فمسخوا قردة، ومكثوا ثلاثة أيام لم يأكلوا ولم يشربوا ثم ماتوا، وأما ما وجد من القردة الآن فلم يكونوا من ذريتهم بل خلق آخر، وقيل مسخت شبابهم قردة وشيوخهم خنازير، وقيل الذين مسخوا خنازير أهل المائدة، وفرقة نهوهم وجعلوا بينهم سداً، وفرقة أنكروا بقلوبهم ولم يتعرضوا لهم، فمن نهى نجاى وكذا من لم ينه على المعتمد.
قوله: { فَقُلْنَا } المراد بالقول تعلق الإرادة. قوله: (مبعدين) أي عن رحمة الله. قوله: { نَكَالاً } هو في الأصل القيد الحديد أطلق وأريد لازمه وهو المنع، لأن المقيد ممنوع فكذا تلك العقوبة مانعة. قوله: (مثل ما عملوا) المماثلة في مطلق المخالفة. قوله: (واذكروا) أي يا بني إسرائيل قوله: (قتيل) اسمه عاميل. قوله: { بَقَرَةً } واحدة البقرة يفرق بين مذكره ومؤنثه بالوصف، تقول بقرة أنثى وبقرة ذكر، فالتاء للوحدة وقيل للتأنيث فالأنثى بقرة والذكر ثور، وسمي البقر بقراً لأنه يبقر الأرض بحافره أي يشقها. وأول القصة قوله فيما يأتي (وإذ قتلتم نفساً) الآية: قوله: (مهزوءاً بنا) أشار بذلك إلى أنه مصدر بمعنى اسم المفعول، ويصح أن يبقى على مصدريته مبالغة أو على حذف مضاف أي ذوي هزء، على حد ما قيل في زيد عدل والهزؤ هو الكلام الساقط الذي لا معنى له. قوله: { مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } أي المبلغين عن الله الكذب. قوله: (إنه عزم) أي مفروض وحق لا هزل فيه. قوله: (أي ما سنها) أي فيما واقعة على الأوصاف، وقولهم إن ما يسأل بها عن الماهية والحقيقة أغلبي. قوله: { لاَّ فَارِضٌ } من الفرض وهو القطع سيمت بذلك لقطعها عمرها. قوله: (نصف) بالتحريك يقال للمرأة والبقرة، قال الشاعر:

وإن أتوك وقالوا إنها نصف قل إن أحسن نصفيها الذي ذهبا

وكرر لا لوقوع النعت بعدها، وكذا إذا وقع بعدها الحال والخبر. قوله: (به) عائد الموصول وقوله من ذبحها بيان لما قوله: { قَالَ } أي موسى وقوله: { إِنَّهُ } أي الله. قوله: (فاقع) صفة لصفراء وهو مبالغة في الصفرة، يقال أحمد قانئ وأسود حالك وأبيض ناصع وأصفر فاقع. قوله: (بحسنها) أي لجمال خلقتها وحيث شددوا شدد عليهم، إذ لو أتوا أولاً بأي بقرة لكفت، ثم لو أتوا بما في السؤال الثاني. لكفت ثم ما في الثالث لكفت، ولكن شددوا فشدد عليهم. قوله: (أسائمة) أي متروكة في الجبال ترعى من كلئها. قوله: (أم عاملة) أي بعلفها ربها ويشغلها.