التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً
٧١
وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَّعَهُمْ شَهِيداً
٧٢
وَلَئِنْ أَصَٰبَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يٰلَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً
٧٣
فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشْرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً
٧٤
-النساء

حاشية الصاوي

قوله: { حِذْرَكُمْ } هو الحذر بفتحتين مصدران بمعنى التحفظ والتيقظ وهو مبالغة، كأنه جعل حفظ النفس آلة تؤخذ، وبعضهم فسّر الحذر بآلة الحرب، وعليه فلا مبالغة في قوله: { خُذُواْ }.
قوله: { فَٱنفِرُواْ } فعله نفر ينفر من باب ضرب وقعد، مصدره النفر والنفور والنفير. قوله: { ثُبَاتٍ } جمع ثبة وهي الجماعة من الرجال فوق العشرة إلى المائة، والسرية الجماعة أقلها مائة وغايتها أربعمائة، والمنسر من أربعمائة إلى ثمانمائة، والجيش من ثمانمائة إلى أربعة آلاف، والجحفل ما زاد على ذلك. قوله: (سرية بعد أخرى) أي جماعات بعد جماعات، سرية أو غيرها. قوله: { أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً } هذا التخيير لولاة الأمور بحسب اجتهادهم. قوله: { لَمَن } اللام لام ابتداء ودخلت على اسم إن لوقوع الخبر فأصلاً. وقوله: (ليتأخرن) أشار بذلك إلى أن بطأ لازم بمعنى قام به البطء وهو التأخر، ويصح أن يكون متعدياً، والمفعول محذوف أي غيره، فالمعنى يكسلن غيره عن القتال. قوله: (من حيث الظاهر) أي وإلا ففي نفس الأمر ليس منهم بل هو عدو لهم. قوله: (وهزيمة) أي لبعض الجيش، وإلا فمن قال إن الله رسول الله هزم، فقد كفر، وما وقع في أحد وهوازن كان لأطراف الجيش من حيث الغنيمة. قوله: (فأصاب) هو بالنصب بأن مضمرة بعد وفاء السببية بعد الأمر.
قوله: { وَلَئِنْ أَصَٰبَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله } هذه الآية معنى قوله تعالى
{ { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ } [التوبة: 50] قوله: (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان، فعلى التاء الأمر ظاهر، وعلى الياء فالمودة بمعنى الود. قوله: (وهذا راجع) أي قوله كأن لم يكن بينكم وبينه مودة، والمعنى حاله في الفرح بمصيبة المسلمين، كحال من لم يكن بينكم وبينه مودة. قوله: (للتنبيه) أي لدخولها على الحرف، ويحتمل أنها للنداء، والمنادى محذوف أي يا هؤلاء. قوله: { فَأَفُوزَ } منصوب بأن مضمرة في جواب النهي بعد فاء السببية. قوله: { فَلْيُقَاتِلْ } الفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره إذا ترك المنافقون القتال وتأخروا عنه فليقاتل الخ. قوله: (يبيعون) دفع بذلك ما يقال إن القاعدة دخول الباء في الشراء على المتروك، ولا يصح ذلك هنا لأنه يصير ذماً، فأجاب بأن الشراء بمعنى البيع نظير { { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ } [يوسف: 20]. قوله: { وَمَن يُقَاتِلْ } الخ، من اسم شرط مبتدأ، ويقاتل فعل الشرط، وقوله: { فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ } معطوف على { يُقَاتِلْ } عطف مسبب على سبب، وقوله: { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } جواب الشرط وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ.