التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
٢١
وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ
٢٢
وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ
٢٣
-فصلت

حاشية الصاوي

قوله: { وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ } أي توبيخاً وتعجباً من هذا الأمر. قوله: { قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ } إلخ، أي جواباً لهم واعتذاراً عما صدر منهم. قوله: { تُرْجَعُونَ } أي تردون إيله بالبعث، وعبر بالمضارع مع أن المقالة بعد الرجوع بالفعل، لأن المراد بالرجوع البعث، وما يترتب عليه من العذاب الدائم، والعذاب مستقبل بالنسبة لمقالتهم. قوله: (قيل هو) أي قوله: { وَهُوَ خَلَقَكُمْ } إلخ. قوله: (كالذي بعده) أي وهو قوله: { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ }. قوله: (وموقعه) أي مناسبته. قوله: { وَهُوَ خَلَقَكُمْ } ووجه مناسبته له في المعنى، أنه يقربه من القول، من حيث إن القادر على الإبداء والإعادة؛ قادر على إنطاقها.
قوله: { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ } أي تستخفون من هؤلاء الشهود، وهو لا يكون إلا بترك الفعل بالكلية، لأنها ملازمة للإنسان في حركاته وسكناته. قوله: (من) { أَن يَشْهَدَ } أشار بذلك إلى أن قوله: { أَن يَشْهَدَ } في محل نصب بنزع الخافض، ويصح أن يكون مفعولاً لأجله، والتقدير مخالفة أن يشهد، إلخ. قوله: (عند استتاركم) أي من الناس. قوله: { ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً } المراد به ما أخفوه عن الناس من الأعمال، فظنوا أن علم الله مساو لعلم الخلق، فكل ما ستروه عن الناس لا يعلمه الله. قوله: { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ } الخ، اعلم أن الظن قسمان: حسن وقبيح، فالحسن أن يظن العبد المؤمن بالله عز وجل الرحمة والإحسان والخير، ففي الحديث:
"أنا عند ظن عبدي بي" والقبيح أن يظن الله نقصاً في ذاته أو صفاته أو أفعاله. قوله: { فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ } نتيجة ما قبله.