التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ
٥٦
يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَٱلْكُفَّارَ أَوْلِيَآءَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
٥٧
وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ
٥٨
-المائدة

حاشية الصاوي

قوله: { وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } من اسم شرط، يتول فعله، والله مفعول يتول والمعنى يختار الله ولياً يعبده ويلتجئ إليه، ويختار رسوله ولياً بأن يؤمن به ويتوسل به ويعظمه ويوقره، ويختار الذين آمنوا أولياء بأن يعينهم وينصرهم ويوقرهم إذا حضروا ويحفظهم إذا غابوا، وقوله: { فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ } الخ، يحتمل أنها جواب الشرط، وإنما أوقع الظاهر موقع المضمر لنكتة التشريف، ويؤخذ ذلك من عبارة المفسر، ويحتمل أنها دليل الجواب، والجواب محذوف تقديره يكن من حزب الله. قوله: { هُمُ ٱلْغَالِبُونَ } أي القاهرون لأعدائهم.
قوله: { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ } لا ناهية، وتتخذوا مجزوم بلا الناهية، والذين مفعول أول للاتتخذوا الأولى، واتخذوا الثانية صلة الذين، ومفعولها الأول إلى قوله دينكم، ومفعولها الثاني هزواً ولعباً، وقوله: { أَوْلِيَآءَ } مفعول ثان للاتتخذوا الأولى. قوله: { مِن } (للبيان) أي فهو بيان للذين اتخذوا دينكم، فالمعنى لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً وهم الذين أوتوا الكتاب. قوله: (المشركين) إنما اقتصر عليهم وإن كان الجميع كفاراً، لتحصل المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه. قوله: (بالجر) أي عطف على مجرور من، وقوله: (والنصب) أي عطف على الذين الواقع مفعولاً به، فعلى الأول الاستهزاء واقع من الفريقين، وعلى الثاني واقع من أهل الكتاب فقط، وثبوت الاستهزاء لغيرهم مأخوذ من آية أخرى له. قوله: { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } أي فاتركوا موالاتهم، فيؤخذ من الآية أن من والاهم فليس بمؤمن، فهو وعيد عظيم لمن اتخذ الكفار أولياء من دون المؤمنين. قوله: { وَإِذَا نَادَيْتُمْ } يحتمل أنه معطوف على الذين المجرور بمن، وعليه فالمستهزؤون ثلاث فرق، ويحتمل أنه معطوف على الذين الواقع مفعولاً به، فيكون من جملة أوصاف الفريق الأول. قوله: (بالأذان) ورد أن المنافقين والكفار كانوا إذا سمعوا الأذان ضحكوا وقالوا: يا محمد لقد ابتدعت شيئاً لم يسمع بمثله فيما مضى قبلك من الأمم، فإن كنت تدعي النبوة فقد خالفت الأنبياء قبلك، ولو كان فيك خير لكان أولى الناس به الأنبياء، فمن أين لك صياح العير، فما أقبح هذه الصوت وهذا الأمر، فنزلت آية
{ { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً } [فصلت: 33] وهذه الآية.
قوله: { لاَّ يَعْقِلُونَ } أي لا يعون ولا يتأملون جلال الله وهيبته، ولو عقلوه ما ساعهم الاستهزاء، ولذا ورد أن رسول الله كان إذا نودي بالصلاة تغيرت حالته، قال بعض الصحابة، كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه، وكان علي إذا سمع للنداء ينتقع لونه، وهذا الوعيد يجر بذيله على من يتعاطى الضحك وأسبابه في الصلاة، ولذلك جعله أبو حنيفة من مبطلات الوضوء والصلاة، وجعله غيره من مبطلات الصلاة فقط، وإنما لم يكفروا فاعله، لأنه لم يكن مستهزئاً بأمر الله حقيقة، وإلا كان كافراً إجماعاً وداخلاً في عموم الكفار. قوله: (ونزل لما قال اليهود) أي سبب نزولها، قول طائفة من اليهود، كأبي يسار ورافع بن أبي رافع وآزر بن آزر، وقصدهم بهذا السؤال اختباره صلى الله عليه وسلم، قل هو مؤمن بعيسى فيخالفوه، أولاً فيتبعوه لكراهتهم له. قوله: (بمن تؤمن من الرسل) أي بأي رسول تؤمن؟ قوله: (فقال بالله) متعلق بمحذوف تقديره أؤمن بالله، وقوله: (الآية) أي إلى قوله: (مسلمون) وتلك الآية هي آية البقرة التي أولها (قولوا آمنا) الآية.