التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
١٢١
-الأنعام

حاشية الصاوي

قوله: { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } اختلف في تفسير هذه الآية، فقال بعض المجتهدين غير الأربعة: الآية عامة في كل شيء، فأي شيء لم يذكر اسم الله عليه لا يجوز أكله، وقال بعضهم: الآية خصوصة بالذبيحة، فمن ترك التسمية عمداً أو نسياناً لا تؤكل ذبيحته، وقال بعضهم: إن تركها عمداً لا تؤكل، وإن تركها نسياناً أو عجزاً كخرس أكلت، وبه قال مالك وأبو حنيفة، وقال بعضهم: التسمية سنة، فإن تركها عمداً أو نسياناً أكلت، وبه قال الإمام الشافعي، وعن الإمام أحمد روايتان: الأولى يوافق فيها مالكاً، والثانية يوافق فيها الشافعي، إذا علمت ذلك فمحمل الآية ما أهل به لغير الله فقط، لأن المفسر به الفسق فيما يأتي في قوله تعالى: { { أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ } [الأنعام: 145]. وأما حكم الميتة فمعلوم من غير هذا الموضع، وحملها المفسر عليهما معاً وهما طريقتان. قوله: (أو ذبح على اسم غيره) أي وإن لم يذكر اسم غير الله، وأما الكتابي إذا لم يذكر اسم الله ولم يهل به لغيره، فإنها تؤكل، فإن جمع الكتابي بين اسم الله واسم غيره أكلت ذبيحته عند مالك، لأن اسم الله يعلو ولا يعلى عليه، وأما المسلم إن جمع بينهما على وجه التشريك في العبودية، فهو مرتد لا تؤكل ذبيحته. قوله: (وعليه الشافعي) أي فالتسمية عنده سنة. قوله: (أي الأكل منه) أي المفهوم من لا تأكلوا على حد { { ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } [المائدة: 8] أي العدل المفهوم من اعدلوا.
قوله: { وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ } أي إبليس وجنوده من الجن. قوله: (الكفار) أي وهم شياطين الإنس. قوله: { لِيُجَٰدِلُوكُمْ } تعليل { لَيُوحُونَ } وذلك أن المشركين قالوا يا محمد أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها؟ فقال: الله قتلها، قال: أتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال، وما قتله الله حرام فنزلت. قوله: { إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } أي لأن من أحل شيئاً مما حرم الله، أو حرم شيئاً مما أحل الله فهو مشرك، لأنه أثبت حاكماً غير الله، ولا شك أنه إشراك. قوله: (وغيره) أي كعمر بن الخطاب أو حمزة أو عمار بن ياسر أو النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن العبرة بعموم اللفظ فهذا المثل للكافر والمسلم، وسبب نزولها على القول بأنها في أبي جهل وحمزة، أن أبا جهل رمى النبي صلى الله عليه وسلم بفرث؛ فأخبر حمزة غضبان حتى علا أبا جهل وجعل يضربه بالقوس، وجعل أبو جهل يتضرع إلى حمزة ويقول: يا أبا يعلى ألا ترى ما جاء به. سفه عقولنا، وسب آلهتنا، وخالف أباءنا، فقال حمزة: ومن أسفه منكم عقولاً تعبدون الحجارة من دون الله، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فأسلم حمزة يومئذ فنزلت الآية.