التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ
٤٠
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ
٤١
وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ
٤٢
فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ
٤٣
-الأنعام

حاشية الصاوي

{ قُلْ } (يا محمد) أي على سبيل التخويف والتوبيخ على الكفر بالله. قوله: (أخبروني) هكذا فسرت الرؤية في هذه الآية ونظائرها بالإخبار، والأصل في الرؤية العلم أو الإبصار، فأطلق العلم أو الإبصار، وأريد لازمه وهو الإخبار، لأن الإنسان لا يخبر بما علمه أو أبصره، واستعملت الهمزة التي هي في الأصل لطلب العلم أو الإبصار في طلب الإخبار ففيه مجازان، ورأى فعل ماض، والتاء فاعل، والكاف مفعول أول على حذف مضاف، والجملة الاستفهامية في محل المفعول الثاني، والتقدير أرأيتم عبادتكم غير الله هل تنفعكم، والمعنى أخبروني يا أهل مكة، إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة بسرعة، أتدعون إلهاً غير الله يكشف عنكم ما نزل بكم، وجواب الاستفهام لا يدعون غير الله، فإذا كان كذلك فهو أحق بأن يفرد بالعبادة.
قوله: { إِنْ أَتَـٰكُمْ } جواب الشرط محذوف تقديره فمن تدعوه. قوله: (في الدنيا) أي كالصاعقة والصيحة. قوله: (المشتملة عليه) أي على العذاب، لأن الكافر لا يشاهد من حين موته إلا العذاب الدائم، وأسهله خروج الروح. قوله: (بغتة) أي سرعة.
قوله: { أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ } الهمزة للاستفهام الإنكاري وغير معمول لتدعون وهو صفة لموصوف محذوف والتقدير أتدعون إلهاً غير الله. قوله: (فادعوها) قدره إشارة إلى أن جواب الشرط محذوف. قوله: { بَلْ إِيَّاهُ } اضراب انتقالي عن النفي الذي علم من الاستفهام. قوله: (في الشدائد) أي كالمرض والفقر وغير ذلك.
قوله: { إِنْ شَآءَ } جوابه محذوف لفهم المعنى ودلالة ما قبله عليه، أي إن شاء أن يكشفه كشفه، وإن لم يشأ كشفه فلا يكشفه، فليست إجابة الدعاء وعداً لا يخلف، وهذا مخصوص بدعاء الكفار، وأما دعاء المؤمنين فهو مجاب بالوعد الذي لا يخلف، لكن على ما يريد الله، إما بعين المطلوب أو بغيره، فلا منافاة بين ما هنا وبين قوله تعالى:
{ { ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر: 60]. قوله: { وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } أي حين نزول الشدائد بهم لا يلتفتون إلى أصنامهم، بل لا يدعون إلا الله.
قوله: { وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ } هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: (فكذبوهم) قدره إشارة إلى أن قوله { فَأَخَذْنَٰهُمْ } مرتب على محذوف. قوله: { يَتَضَرَّعُونَ } من التضرع وهو التذلل والخضوع. قوله: (فهلا) أشار بذلك إلى أن لولا للتحضيض. قوله: (أي لم يفعلوا ذلك) أي التضرع، وأشار بذلك إلى أن التحضيض بمعنى النفي. قوله: (مع قيام المقتضى له) أي وهو البأساء والضراء. قوله: { وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ } أي لم يقع منهم تضرع ولا خضوعـ بل ظهر منهم خلاف ذلك بسبب قسوة قلوبهم. قوله: (فلم تلن للأيمان) أشار إلى أن القسوة نشأ عنها المفر، كما أن التضرع ينشأ عنه الإيمان.
قوله: { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ } أي الذين كانوا يعملونه أو عملهم. قوله: (فأصروا عليها) أي على المعاصي، ولم يتعظوا بما نزل بهم من البأساء والضراء. قوله: (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان.