التفاسير

< >
عرض

قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ
١٤
قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ
١٥
قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ
١٦
ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ
١٧
قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ
١٨
-الأعراف

حاشية الصاوي

قوله: { قَالَ أَنظِرْنِي } لما كره اللعين إذاقة الموت، طلب البقاء والخلود إلى يوم البعث، ومن المعلوم أن لا موت بعد، فقصد استمرار الحياة في الدنيا والآخرة، فأجابه الله لا على مراده، بل أمهله إلى النفخة الأولى، ولا نجاة له من الموت ولا من العذاب. قوله: (أي وقت النفخة الأولى) أي لا وقت النفخة الثانية التي طلبها اللعين.
قوله: { قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي } الخ غرضه بهذا أخذ ثأره منهم، لأنه لما طرد ومقت بسببهم، أحب أن ينتقم منهم أخذاً بالثأر. قوله: (والباء للقسم) أي وما مصدرية، وما بعدها مسبوك بها، يشير له قول المفسر بإغوائك لي، ويصح أن تكون للسببية. قوله: (أي على الطريق الخ) أشار به إلى أن صراط منصوب على نزع الخافض. قوله: { مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أي من الجهات التي يعتاد الهجوم منها، وهي الجهات الأربع، ولذلك لم يذكر الفوق والتحت، وأما الفوق فلكونه لما يمكنه أن يحول بين العبد ورحمة ربه، كما قال ابن عباس، وأما التحت فلكبره لا يرضى أن يأتي من ذلك، ويكثر إتيانه من أمام وخلف، ويضعف في اليمين واليسار لحفظ الملائكة، وذكر بعضهم حكمة أخرى لعدم مجيئه من تحت، لكون الآتي من تحت إنما يريد الازعاج، وهو يريد التأليف للغاوية، والأول أقرب، وإنما عدى الفعل في الأولين بمن الابتدائية، لأن شأن التوجه منهما بخلاف الأخيرين، فالآتي منهما كالمنحرف لليسار. قوله: { وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } يحتمل أنه من الوجدان بمعنى اللقاء فيتعدى لواحد، وشاكرين حال، ويحتمل أنه بمعنى العلم فيتعدى لاثنين.
قوله: { قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً } تأكيد لما تقدم، ومذؤوم بالهمزة من ذأمه يذأمه ذأماً إذا عابه ومقته، أي أخرج ممقوتاً معاباً عليك. قوله: (مبعداً عن الرحمة) أي لأن الدحر الطرد والإبعاد، يقال دحره دحراً ودحوراً، ومنه قوله تعالى:
{ { وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ * دُحُوراً } [الصافات: 8-9] وهما حالان من فاعل أخرج. قوله: (واللام للابتداء) أي داخلة على المبتدأ، فمن اسم موصوف مبتدأ، و { تَبِعَكَ } صلته، و { مِنْهُمْ } متعلق بتبعك، وقوله: { لأَمْلأَنَّ } جواب قسم محذوف بعد قوله: { مِنْهُمْ } والقسم وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ. قوله: (أو موطئة للقسم) والتقدير والله لمن تبعك، ومن اسم شرط مبتدأ، ولأملأن جواب القسم المدلول عليه بلام التوطئة، وجواب الشرط محذوف لسد جواب القسم مسده. قوله: (وفيه تغليب الحاضر) أي هو وإبليس، وقوله: (على الغائب) أي وهو الناس. قوله: (وفي الجملة) أي وهي: { لأَمْلأَنَّ } وقوله: (معنى جزاء من) أي على كونها شرطية، وتقديره أعذبه.