التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَٰتِنَا يَجْحَدُونَ
٥١
وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٥٢
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٥٣
-الأعراف

حاشية الصاوي

قوله: { ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ } هذا وصف للكافرين. قوله: { لَهْواً وَلَعِباً } اللهو صرف الهم بما لا يحسن أن يصرف به، واللعب طلب الفرح بما لا يحسن أن يطلب ربه. قوله: { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا } أي شغلتهم بالطمع في طول العمر وحسن العيش. قوله: { فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ } ليس من كلام أهل الجنة، وإنما هو قول الرب جل جلاله، فالفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره: فإذا كان حال الكافرين فاليوم ننساهم. قوله: (نتركهم في النار) أشار بذلك إلى أن النسيان مستعمل في لازمه وهو الترك، لأن حقيقته مستحيلة على الله، فالمعنى نعاملهم معاملة الناسي من عدم الاعتناء بهم وتركهم في النار.
قوله: { كَمَا نَسُواْ } الكاف تعليلية، وما مصدرية، أي لأجل نسيانهم. قوله: (بتركهم العمل له) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف تقديره كما نسوا العمل للقاء يومهم هذا. قوله: (أي وكما جحدوا) أشار بذلك إلى أن ما معطوف على الأولى مسلط عليه كاف التعليل، والمعنى نتركهم في النار لتركهم العمل ولجحدهم آياتنا. قوله: { فَصَّلْنَاهُ } القراءة السبعية بالصاد، وقرئ شذوذاً بالضاد المعجمة، أي فضلناه على غيره من الكتب السماوية: (قوله بالأخبار والوعد) أي وكذا بقية الأنواع التسعة التي جمعها بعضهم في قوله:

حلال حرام محكم متشابه بشير نذير قصة عظة مثل

قوله: (حال) أي من الفاعل، ويصح كونه حالاً من المفعول، والمعنى فصلناه حال كونه مشتملاً على علم. قوله: (حال من الهاء) أي أو من كتاب، وجاز ذلك لتخصيصه بالوصف. قوله: { هَلْ يَنظُرُونَ } أي أهل مكة. قوله: (عاقبة ما فيه) أي فهذا هو المراد بتأويله بمعنى ما يؤول إليه وعيد القرآن لهم. قوله: { ٱلَّذِينَ نَسُوهُ } أي التأويل. قوله: { قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ } أي تبين صدقهم فيما جاؤوا به واعترفوا بذلك لمعاينة العذاب. قوله: { فَيَشْفَعُواْ } منصوب بأن مضمرة في جواب الاستفهام، فهو عطف اسم مؤول على اسم صريح. قوله: { أَوْ } (هل) { نُرَدُّ } أشار بذلك أن جملة { نُرَدُّ } معطوفة على التي قبلها، والاستفهام مسلط عليها. قوله: { فَنَعْمَلَ } منصوب بأن مضمرة، جواب الاستفهام الثاني، والمعنى نطلب أحد أمرين: إما الشفاعة لنا فيما سبق منا، أو نرجع إلى الدنيا ونحسن العمل فيها. قوله: (من دعوى الشريك) أي من دعوى نفع الشريك، لأنهم كانوا يدعون أن الأصنام تنفعهم.