التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
١٣
ذٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ
١٤
يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ
١٥
وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٦
-الأنفال

حاشية الصاوي

قوله: { ذٰلِكَ } (العذاب) أي من إلقاء الرعب والقتل والأسر، وقوله: { بِأَنَّهُمْ } الباء سببيه. قوله: (خالفوا) { ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أصل معناها المجانبة، لأنهم صاروا في شق، وجانب عن النبي والمؤمنين. قوله: { فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } أي وما نزل بهم في هذا اليوم قليل، بالنسبة لما ادخر لهم عند الله. قوله: { ذٰلِكُمْ } (العذاب) اسم إشارة مبتدأ خبره محذوف قدره المفسر، وقوله: { فَذُوقُوهُ } لا تعلق له بما قبله من جهة الإعراب. قوله: { وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ } عطف على ذلكم، أو نصب على المفعول معه.
قوله: { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ } خطاب لكل من يحضر القتال. قوله: { زَحْفاً } حال من المفعول به وهو { ٱلَّذِينَ } فهو مؤول بالمشتق، أي حال كونهم زاحفين. قوله: (أي مجتمعين) إلخ، أي فالمعنى على التشبيه بالزاحفين على أدبارهم في بطء السير، وذلك لأن الجيش إذا كثروا التحم بعضه ببعض، يتراءى أن سيره بطيء، وإن كان في نفس الأمر سريعاً، وفي المصباح زحف القوم زحفاً من باب نفع. قوله: { فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ } ويطلق الدبر على مقابل القبل، ويطلق على الظهر وهو المراد هنا، والمقصود ملزوم توليه الظهر وهو الانهزام، فهذا اللفظ استعمل في ملزوم معناه كما أشار المفسر بقوله: (مهزومين) و{ ٱلأَدْبَارَ } مفعول ثان لتولوهم. وكذا { دُبُرَهُ } مفعول ثان ليولوهم، وفي الآية تعريض، حيث ذكر لهم حالة تستهجن من فاعلها في تعبيره بلفظ الدبر دون الظهر. قوله: (أي يوم لقائهم) حل معنى، وإلا فمقتضى التنوين في إذ، أن يقول: يوم لقيتموهم، لأنه عوض عن جملة.
قوله: { إِلاَّ مُتَحَرِّفاً } في نصبه مع ما عطف عليه وجهان: أحدهما أنه حال، والثاني أنه مستثنى من ضمير المؤمنين. قوله: (الفرة) بفتح الفاء. وهي المرة من الفر، بمعنى الفرار، أي الهرب، وقوله: (مكيدة) أي خديعة ومكراً، قوله: (وهو يريد الكرة) أي الرجعة، لأن الكرة المرة من الرجوع، والكر الرجوع، وهذا أحد أبواب الحرب ومكايدها. قوله: { أَوْ مُتَحَيِّزاً } التحيز والتحوز الانضمام، وأصل تحيز: تحيوز، اجتمعت الواو والياء، وسبقت إحدهما بالسكون، قلت الواو ياء، وادغمت الياء في الياء قوله: (يستنجد) أي يستنصر ويستعين.
قوله: { فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ } جواب الشرط وهو من، والباء للملابسة، أي ملتبساً ومصحوباً بغضب. قوله: { وَمَأْوَاهُ } أي مسكنه، وفي الآية وعيد عظيم، ولذلك قيل: إن الفرار أكثر الكبائر بعد الكفر. قوله: (مخصوص) أي مقصور، أي فإن زادت عن الضعف، كما إذا كان المسلمون ربع الكفار، فلا يجرم الفرار.