التفاسير

< >
عرض

فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ
١٢١
ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ
١٢٢
-طه

حقائق التفسير

قوله تعالى: { فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا } [الآية: 121].
قال الحصرى: بدت لهما، ولم تبد لغيرهما لئلا يعلم الأغيار من مكافآت الجناية ما علما، ولو بدا للأغيار لقال: بدت منهما.
قوله تعالى: { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ }.
قال ابن عطاء: اسم العصيان مذمة، إلا أن الاجتباء والاصطفاء منعا أن يلحق آدم اسم المذمة بحال.
قال جعفر: طالع الجنان ونعيمها بعينه فنودى عليه إلى يوم القيامة { وَعَصَىٰ ءَادَمُ } ولو طالعها بقلبه لنودى عليها بالهجران أبد الآبد، ثم عطف عليه ورحمه بقوله تعالى: { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ... } [الآية: 122].
وقال بعضهم: سبقت الاصطفائة والاجتبائة من الحق لآدم فلم تؤثر فيه سمة العصيان، ولا يخطر الأمر بالنسيان لأن اصطفائيته فى الأزل رَدَّ إلى الاجتبائية فى الأبد وهو فى قوله تعالى
{ { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ } [آل عمران: 33] وقوله: { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ } فالاصطفاء أوجب له الاجتباء.
وقال بعضهم: عصى آدم فعوقب أولاده بثلاث: ما ولدوا يموت، وما يبنوا يُهدم، وما يصلوا يُقطع.
قوله تعالى: { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ }.
قال الواسطى رحمة الله عليه: العصيان لا يؤثر فى الاجتبائة. وقوله: { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ } أى أظهر أخلاقًا ثم أدركته الاجتبائة، فأزالت عنه مذمة العصيان ألا ترى كيف أظهر عذره بقوله: { فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } وكيف يعزم على المخالفة من هو فى ستر العصمة وخصوصية الاصطفاء والاجتباء.