التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٥٤
-الأنعام

حقائق التفسير

قوله عز وعلا: { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } [الآية: 54].
قال: كتب فى الأبد لمن نظر إليه فى الأزل بعين الرحمة.
قال أبو عثمان: أوجب على نفسه عفو المقصرين من عباده، لذلك قال: كتب ربكم على نفسه الرحمة.
وقال بعضهم: فى قوله: { سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } قال: هى الصفات الجارية عليهم ولهم، والذى أعتقهم من رق الكون وأظهرهم من خفايا المختزنات المصونات المكنونة بأعجب أعجوبة ثم أشهدهم السلام.
قال محمد بن على الكتانى: اختص الحق بقلوب العارفين لسكونها إليه، قال: { وَلَهُ مَا سَكَنَ } وكانوا سالمين منه فى أزليته، سالمين منه، فى ظاهر ربوبيته، سالمين فى آخريته، فاستحقوا اسم السلام بذلك.
قوله عز وعلا: { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } [الآية: 54].
قيل فى هذه الآية: تسلم أنت على الذين يؤمنون بآياتنا، فإنَّا نسلم على الذين يؤمنون بنا بلا واسطة وذلك قوله:
{ { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [يس: 58].
وقال بعضهم: إذا جاءك الذين خالفوا الأمر وهم على طريقة التوحيد فاقبلهم ولا تردهم بالمعاصى قال الله:
{ { إنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [النساء: 48].
سمعت أبا عبد الله الرازى يقول: سمعت إبراهيم بن المولد يقول: والله إن الحق هو الذى يسلم على الفقراء، والنبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك واسطة.
قوله تعالى: { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ }.
قال الواسطى رحمة الله عليه: برحمته وصلوا إلى عبادته، لا بعبادتهم وصلوا إلى رحمته، وبرحمته نالوا ما عنده، لا بأفعالهم لأن النبى صلى الله عليه وسلم يقول:
" "ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله منه برحمته"
". قوله تعالى: { أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَالَةٍ } [الآية: 54].
قال ابن عطاء: كل من عصى الله عصاه جهالة، وكل من أطاعه أطاعه بعلم فإن العبد إذا لم يعظم قدر معرفةِ الله فى قلبه ركب كل نوع من البلاء.