التفاسير

< >
عرض

وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لأَخِيهِ هَارُونَ ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ
١٤٢
-الأعراف

حقائق التفسير

قوله عز اسمه: { وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ } [الآية: 142].
قيل لأبى بكر بن طاهر: ما بال موسى لم يَجع أربعين يومًا حين أراد أن يكلم ربه، وجاع فى نصف يوم حين أراد أن يلقى الخضر فقال:
{ { آتِنَا غَدَآءَنَا } [الكهف: 62] الآية قال: لأنه فى الأول أنساه هيبة الوقوف الذى ينتظره الشراب والطعام، والثانى كان سفر التأديب فزاد البلاء على البلاء حتى جاع فى أقل من نصف يوم، والأول كان أوقات الكرامة.
قال جعفر: كان وعده ثلاثين ليلة فالتزم على ميعاد ربه وانتهى الأجل لقدومه فأخرجه عن حده ورسمه، وأكرم موسى بكلامه وبان عليه شرفه خارجًا عن رسوم البشرية حتى سمع ما سمع من ربه من غير نفسه وعلمه وغير وقته الذى وقته لقومه، دليلاً بذلك أن منار الربوبية خارج عن رسوم البشرية.
وسمعنا بعض المتأخرين يقول فى هذه الآية: مواعيد الأحبة وإن أخلفت بها فإنها يُؤنس بها.
وأنشد على أثره:

أمطِليـنـــى وَسوّفــــى وعِدينـــى ولا تَفِـــــى

قوله تعالى: { وَقَالَ مُوسَىٰ لأَخِيهِ هَارُونَ ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي } [الآية: 142].
قال محمد بن حامد فى قوله: { ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي } قال: لم يزل الأنبياء والأولياء خلف يخلفهم فيمن بعدهم من أمتهم وأصحابهم، يكون هديهم على هديه، يحفظون على أمتهم ما يضعونه من سنتهم وأن أبا بكر الصديق رضى الله عنه كان هو القائم بهذا المقام بعد النبى صلى الله عليه وسلم ولو لم يقم هو؛ لذهبت سنن منها محاربة أهل الردة وغير ذلك.