التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ
٢٤
-يوسف

لطائف الإشارات

ما ليس بفعل الإنسان مما يعتريه - بغير اختياره ولا بِكَسْبِه - كان مرفوعاً لأنه لا يدخل تحت التكليف، فلم يكن "الهمُّ" منه ولا منها زَلَّةً، وإنما الزّلَّةُ من المرأة كانت من حيث عَزَمَتْ على ما هَمَّتْ، فأمّا نفسُ الهمّ فليس مما يَكْسِبُه العبد.
ويقال اشتركا في الهمِّ وأُفْرِد - يوسف عليه السلام - بإشهاده البرهان.
وفي تعيين ذلك البرهان - ما الذي كان؟ - تكلُّفٌ غيرُ محمودٍ إذ لا سبيل إليه إلا بالخَبَرِ المقطوع به.
وفي الجملة كان البرهانُ تعريفاً من الحقِّ إياه بآية من آيات صُنْعِه، قال تعالى:
{ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } [فصلت: 53].
وقوله: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ } صَرَفَ عنه السُّوءَ حتى لم يوجَد منه العزمُ على ذلك الفعل - وإنْ كان منه همٌّ - إلا أن ذلك لم يكن جُرْماً كما ذكرنا.
والصَّرْفُ عن الطريق بعد حصول الهمِّ - كشفٌ، والسوءُ المصروفُ عنه هو العزمُ على الزنا والفحشاء أو نفْسُ الزنا، وقد صرفهما الله تعالى عنه.
قوله: { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ }: لم تكن نجاتُه في خلاصه، ولكن في صرفِ السوء عنه واستخلاصه.