التفاسير

< >
عرض

وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
١١٣
-النساء

لطائف الإشارات

الفضلُ إحسانٌ غيرُ مستحق، والإشارة هاهنا - من الفضل - إلى عصمته إياه، فالحقُّ - سبحانه - عَصَمَه تخصيصاً له بتلك العصمة، وكما عصمه عن تَرْكِ حقه - سبحانه - عصمته بأن كفَّ عنه كيد خلقه فقال: { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ } الآية.
كلاَّ، لن يكونَ لأحدٍ سبيلُ إلى إضلالك فأنت في قبضة العزة، وما يُضِلُّونَ إلا أنفسهم، وما يضرونك بشيء، إذ المحفوظ منا محروس عن كل غير، وإنَّ الله سبحانه قد اختصك بإنزال الكتاب، واستخلصك بوجوه الاختصاص والإيجاب، وعلَّمك ما لم تكن تعلم، ولم يمن عليك بشيءٍ بمثل ما مَنَّ به على من خصَّه به من العلم. ويحتمل أنه أراد به علمه - صلى الله عليه وسلم - بالله وبجلاله، وعلمه بعبودية نَفْسه، ومقدار حاله في استحقاق عِزِّه وجماله.
ويقال علَّمك ما لم تكن تعلم من آداب الخدمة إذ لم تكن ملتبساً عليك معرفة الحقيقة.
ويقال أغناك عن تعليم الأغيار حتى لا يكون لأحدٍ نور إلا مُقْتَبَساً مِنْ نورِك، ومَنْ لم يمشِ تحت رايتك لا يصل إلى جميع برِّنا، ولا يحظى بقربنا وَوصْلنا.
{ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }: في الآباد؛ أنَّكَ كنت - لنا بشرف العز وكرم الربوبية في الآزال - معلوماً. ويقال وعلَّمك ما لم تكن تعلم من عُلُوِّ رُتْبَتِكَ على الكافة.
ويقال: { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } أنَّ أحَداً لا يُقَدِّرُ قَدْرَنا إلا بمقدار مُوافَقَتِه لأمْرِنا.