التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
٤
-المائدة

لطائف الإشارات

لما علموا أن الحَسَنَ من أفعالهم ما ورد به الأمر وحصل فيه الإذن تعرَّفوا ذلك من تفصيل الشرع، فقال: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ } ثم قال:
{ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ } وهو الحلال الذي تحصل من تناوله طيبةُ القلوب فإنَّ أَكْلَ الحرام يُوجِبُ قسوة القلب، والوحشةُ مقرونةُ بقسوةِ القلبِ، وضياءُ القلوب وطِيبُ الأوقات متصلٌ بصَوْن الخُلُق عن تناول الحرام والشبهات.
وقوله: { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ }: ولمَّا كان الكلب المُعَلَّمَ تركَ حظَّه، وأمسك ما اصطاده على صاحبه حلت فريسته، وجاز اقتناؤه، واستغرق في ذلك حكم خساسته فكذلك مَنْ كانت أعماله وأحواله لله - سبحانه مختصة، ولا يشوبها حظ تَجِلُّ رتبتُه وتعلو حالته.
ويقال حُسْنُ الأدب يُلْحِقُ الأَخِسَّة برتبة الأكابر، وسوء الأدب يَرُدُّ الأعِزَّة إلى حالة الأصاغر.
ثم قال: { وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ }: بيَّن أنَّ الأكلَ - على الغفلة - غير مَرْضِيٍّ عنه (في القيمة).
{ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } بحيث لا يشغله شأنٌ عن شأنٍ، وسريعُ الحساب - اليومَ - مع الأحباب والأولياء، فهم لا يُسَامَحون في الخطوة ولا في اللحظة، معجَّلٌ حسابُهم، مُضَاعَفٌ - في الوقتِ - ثوابُهم وعقابُهم.