التفاسير

< >
عرض

إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٩
-الأنفال

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ }.
قال المشركون - يوم بدر - اللهم انصرْ أََحَبَّ الفِئتين إليك، فاستجابَ دعاءَهم ونصر أحبَّ الفئتين إليه.. وهم المسلمون، فسألوا بألسنتهم هلاكَ أنفسِهم، وذلك لانجرارهم في مغاليط ما يُعَلِّقون من ظنونهم، فهم توهَّموا استحقاق القربة، وكانوا في عين الفرقة وحُكْمِ الشِّقْوَةِ، موسومين باستيجاب اللعنة بدعائهم، والوقوع في شقائهم؛ فاختيارهم مُنُوا ببَوارِهم.
ويقال ظنوا أنهم من أهل الرحمة فَزَلُّوا، فلما كُشِفَ السترُ خابوا وذَلُّوا، فعند ذلك علموا أنهم زاغوا في ظنهم وضلوا.
قوله جلّ ذكره: { وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ }.
فيغفر لكم ما قد سَلَفَ من خلاف محمد صلى الله عليه وسلم.
{ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } ليس المراد منه المبالغة؛ لأنه يقال هذا خير لك من هذا إذا كان الثاني ليس في شر، وترك موافقتهم للرسول صلى الله عليه وسلم - بكل وجهٍ - هو شرٌّ لهم، ولكنه أراد به في الأحوال الدنيوية، وعلى موجب ظنِّهم.
قوله جلّ ذكره: { وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ }.
يعني إنْ عُدْتُم إلى الجميل من السيرة عُدْنا عليكم بجميل المِنَّة، وإنْ عاودتم الإقدام على الشَّرِّ أَعَدْنا عليكم ما أذقناكم من الضُّرِّ.
قوله جلّ ذكره: { وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }.
مَنْ غَلَبَتْهُ قدْرُة الأحد لم تغْنِ عنه كثرة العدد.