التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ
١٢٢
-التوبة

لطائف الإشارات

لو اشتغل الكُلُّ بالتَّفَقُّه في الدِّين لَتَعَطَّل عليهم المعاش، ولبقي الكافة عن درك ذلك المطلوب، فجعل ذلك فرضاً على الكفاية.
ويقال جعل المسلمين على مراتب: فعوامُّهم كالرعية للمَلِك، وكَتَبَةُ الحديثِ كخُزَّان المَلِك، وأهلُ القرآن كحُفَّاظ الدفاتر ونفائس الأموال، والفقهاء بمنزلة الوكلاء للمَلِك إذ الفقيه (...) عن الله، وعلماءُ الأصول كالقُوَّادِ وأمراء الجيوش، والأولياءُ كأَركان الباب، وأربابُ القلوبِ وأصحابُ الصفاء كخواص المَلِكِ وجُلَسائه.
فيشتغل قومٌ بحفظ أركان الشرع وآخرون بإمضاء الأحكام، وآخرون بالردِّ على المخالفين، وآخرون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقوم مُفْرَدُون بحضور القلب وهم أصحاب الشهود، وليس لهم شُغْلٌ، يراعون مع الله أنفاسَهم وهم أصحاب الفراغ، لا يستفزُّهم طَلَبٌ ولا يهزُّهم أَرَبٌ، فَهُمْ بالله لله، وهم محو عما سوى الله.
وأمَّا الذين يتفقهون في الدِّين فهم الداعون إلى الله، وإنما يُفْهمُ الخلْقَ عن الله مَنْ كان يَفْهَمْ عن الله.