التفاسير

< >
عرض

وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١٠٥
وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ
١٠٦
وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
١٠٧
-يونس

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً } الذين ههنا محبة الله والشوق الى لقائه ومعرفة صفاته اى اقبل بوجهك الى هذه الصفات الحنيفة الخليلة المبراة عن محبة كل مخلوق سوانا ثم اقبل بهذه الصفات جميعا وجهك بنعت الاستقامة الى مشاهدة وجهنا الازلى المنزه عن المخائيل والتصاوير حتى ترانى بى وتصل اليك انوار وجهى الذى لو اشاط ذرة منها على جميع الاكوان والحدثان من العرش الى الثرى يضمحل جميعاً تحت انوار سلطان بهائى وجلالى قال عليه السلام حجابه النور لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه اى يستقم بى فى ذلك المقام حتى تطيق ان تحمل اثقال انوار مشاهدتى ثم خوفه من الالتفات الى غيره فى اقباله عليه بقوله { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } من الطالبين منى غيرى والاسرين على حبال مشاهدتى ما لا يليق به من الحدثان قال ابن عطا صحح معرفتك ولا يكونن من الناظرين الى شئ سوى الحق فيمقتك الله واقامة الملة الحنيفية هو تصحيح المعرفة ثم زاد تاكيد الاقبال عليه ولاعراض عما سواه بقوله { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ } شدد امر التوكل والاعتماد عليه بقطعه طريق الاعراض عما سوى وصاله وبين ان من نظر الى غيره عند امتحان الله بالسراء والضراء يكون مغلوب قهره متروك حظه محروما من مراده محجوبا عن الله بغير الله باتيانى فوت المراد ومن كان بهذه الصفة فهو ظالم حيث وضع الربوبية عند من لا يستقيم فى العبودية قال شقيق الظالم من طلب نفعه ممن لا يملك نفع نفسه الضر ممن لا === عن نفسه ومن عجز من اقامة نفسه كيف يقيم غيره قال الله فان فعلت فانك اذا من الظالمين ثم زاد تاكيدا اليه فى رجوع عباده بالكلية واعراضهم عما سواه بقوله { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ } عرف حبيبه ان كل حركة من العرش الى الثرى فهو تعالى محركها وكل روح وجسد وقلب ونفس وهمة وعقل وكفاية مستغرقة فى بحار مقاديره لا يجرى عليهم الا موارد القضاء والقدر وكل مشية فى الامتحان بالضر وايصال النفع تصدر من حكمة السابق فينبغى ان لا يرى الغير فى البين ان يمسسك الله بضر الحجاب فلا كاشف لذلك كالا ظهور انوار وصاله وان يردك بخير كفف جماله فلا اراد لفضل وصاله من سبب وعلة من الاكوان والاحمال فان المختص فى الازل بوصالنا لا يحتجب بشئ من الاشياء لانه فى الفضل السابق مصؤن عن جريان القهر ثم علق ذلك بمشيته السابقة واخراجه عن اكتساب البشر بقوله { يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } من عرفائه لانه ساتر الاولياء فى قباب عصمته عن طوفان قهره رحيم بهم حيث رباهم بجماله واويهم الى وصاله قال ابن عطا قطع الحق على عباده طريق الرغبة والرهبة الا اليه باعلامه انه الضار النافع.