التفاسير

< >
عرض

أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ
١٧
-هود

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله سبحانه { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } تقدير الاية على وجه الاستفهام افمن كان على بينة من ربه كمن هو فى الضلالة والجهالة افمن كان معرفة من ربه وولاية وعلامة من كراماته وكل عارف اذا شهد الحق سبحانه بقلبه وروحه وعقله وسره وادرك فيض انوار جماله وقربه يوثر ذلك فى هياكله حتى يبرز من وجهه نور الله الساطع ويراه كل صاحب نظر قال تعالى ويتلوه شاهد منه فالبينة بصيرة المعرفة والشاهد بروز نور المشاهدة منه وايضا البينة كلام المعرفة وشاهده الكتاب والسنة ومن كان بهذه المثابة يرى بعين الحق مكنون الغيوب واسرار القلوب ومشاهدته غالب على يقينه ويقينه غالب على بصيرته وبصيرته غالبة على عقله وعقله غالب على نفسه بحيث لا يزاحم هواجسها على مناطق الغيب وظلمتها لا تغشى انوار القرب بل هى فانية بجملتها تحت وارد الحق من الكشف والعيان والبيان ويبين ما قلنا ويصدقه قوله تعالى { فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } كل وارد من الحق فهو الحق حين زال عنده معارضة النفس فان خطر معارضة فى اول نزول الوارد فهى امتحان الحق فيرد عليها واردات حقيقة فتزيلها اصلا قال الله فلا تك فى مرية منه انه الحق من ربك حين بقيت الواردات وزالت المعارضات قال ابو عثمان من كان على البينة لا يخفى عليه سر وقال دويم البينة هى الاشراف علىالقلوب والحكم على الغيوب قال الجنيد البينة حقيقة يؤيدها ظاهر العلم قال ابو بكر بن طاهر من كان من ربه على بينة كانت جوارحه وقف على الطاعات والموافقات ولسانه مزموما بالذكر ونشر الالاء والنعماء وقلبه منورا بانوار الوفيق وضياء التحقيق وسره وروحه مشاهدا للحق فى جميع الاوقات عالما بما يبدوا من مكنون الغيوبُ مستورها ورويته للاشياء رؤية يقين لا شك فيه وحكمه على الخلق كحكم الحق لا ينطق الا بحق ولا يرى الا بحق لانه مستغرق فى الحق فانى له مرجع الا الى الحق ولا اخبار له الا عنه ولما وصف الله اهل البينة وصدق الشاهد وصف المغالطين ومد عين مقامات اهل الولاية افتراء وزورا وبهتانا