التفاسير

< >
عرض

إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ
٥٤
مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ
٥٥
إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٥٦
-هود

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } اى غصت فى بحار جلالى الازل وهو شاهدى وانا برئ مما تشيرون اليه من دونه برئ من حولى وقوتى والنظر اليكم ما بكم تقدرون فى ملكه بذرة فاحتالوا بى جميعا ان كنتم تقدرون بالحيلة ولا ينظرون لا === فانى على ثقة من ربى فى ثبوتى ورسالتى وبيان براهينه على وسلطان كبريائه دل كل شئ وهو حسبى وحسب كل صادق فى بلائه وذلك قوله { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ } مشاهدته بشهود على { رَبِّي وَرَبِّكُمْ } ربى يربينى بانوار مشاهدته ولطائف وصلته وربكم بايجادكم وتربيتكم باغذية الظاهر ثم وصف جلال قدره واحاطته على كل درة بقوله { مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ } اخذ ناصية كل مخلوق بايدى القدم واخرجها بجبروته من اماكن العدم ويجذب كل دابة من العرش الى الثرى الى ميادين ملكوته ويغذى كل واحدة منها من موائد تجلى صفاته وذاته وآياته وافعاله للارواح غذاء مشاهدة الذات وللقلوب غذاء مشاهدة الصفات وللعقول غذاء مشاهدة انوار الافعال وللنفوس غذاء الطبائع من عناصر الكون { إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } على طريق الربوبية التى مناديها صحارى الازال والاباد وهكذا على طريقة كل ربانى صمدانى يسيرونى فى طريق الذي هو السير فى عالم الذات والصفات وذلك كالطريق مستقيم حيث هو تعالى بجلاله يظهر نفسه فى جميع الاحوال لقلوب اوليائه واولياؤه يسرون اليه بطريقة وجذب ظهوره

اذا نحن ادلجنا وانت امانا كفى لمطايانا يلقاك

هاديا صراط مستقيم اذ هو مقدس عن اعوجاج الحدثانى وتغائر النفسانى لا يسده علة ولا ولا يعوجه زلة قال الواسطى فى قوله فكيدونى جميعا ثم لا تنظرون غلب على هود عليه السلام فى ذلك الوقت حال الوصلة والقربة مما ياتى بشئ ولا احسن به اذ هو فى محل الحضور ومجلس القربة وقال فى قصة لوط قال لو ان لى بكم قوة كان نطقه نطق طبيعى شاهد فى ذلك حاله ووقته واشتغاله بهم وقال هود كيدونى جميعا ثم لا تنظرون نطق عن مشاهدة لا يرى سواه وقال بعضهم اى كيد يلحق من هو فى قبضة الحق وسرادق العز وجلابيب الهيبة والكيد لا يلحق الا لمن هو === فى طرق المخالفة وقال بعضهم فى قوله ما من دابة كيف يكون لك محل وانت بغيرك قيامك وبقاؤك لذلك قيل من قال انا فقد نازع القبضة.