التفاسير

< >
عرض

فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ
٧٦
-يوسف

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ } ان الله سبحانه اذا خص نبيا او وليا البسه صفاته بتدريج الحال ففيى كل حالة له كساه نورا من صفته فمن جملة صفته كيد الازل ومكر الابد فكيف علم كيده قل يوسف حتى ك اد برؤية كيد الله الازلى فعرفه تعالى اسرار لطيف صنائعه وعظيم حقائق افعاله وقدرته فمعنى كدنا ليوسف عرفناه مصالح امور النبوة والولاية بتاثير كشف الذات والصفات قال ابن عطا ابليناه بانواع البلاء حتى اوصلناه الى محل العز والشرف وقال جعفر اظهرنا عليه بركات اباء الصادقين بما عصمناه به وقت الهم قوله تعالى { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } بين سبحانه ان ما لم يوسف وفعل من علم الالوهية ورؤية كشف مشاهدة الازل يختص بدرجة كشف جماله اهل محبته وشوقه ويرفع درجات عارفيه وموحديه بحيث عرفهم ذاته وصفاته يرفع درجة الموحدي والعارفين من مقام العبودية الى مقام الربوبية بان يكسيهم انوار جوده ووجوده ليعلموا من رؤية كل صفة علما فوق علم ومن رؤية الذات علما فوق علم الصفات كما ان ذاته وصفاته لا نهاية لهما فايضا علومهما لا نهاية لهما فيشرب اطيار ارواح القدسية من بحر قدس قدمه زلال حيوته وعلومه الازلية الابدية على مقادير حواصلها فياتى كل واحد منها من تلك البحار بغريب علم صفاته وجواهر حكم بحار ذاته قال تعالى قد علم كل اناس مشربهم فعلم المريد فوق علم المبتدى وعلم المحب فوق علم المريد وعلم العارف فوق علم المحب وعلم الموحد فوق علم العارف ووراء علومهم علم المجهول لاياتى به الا الفانى فى ذات الباقى فى صفاته قيل فى قوله نرفع درجات من نشاء بالعلم والاستقامة وقيل بالمكاشفة والمشاهدة وقيل بالفراسة الصادقة وقيل بالمعرفة والتوحيد وقال باجابة الدعاء وقيل بمعرفة مكائد النفس وقيل بالعصمة والتوفيق وقال الجنيد باسقاط الكونين عنه ورفعه عن الالتفات الى المقام والاحوال ليكون خالصا بالعلة وقال الحسين فضيلة ارباب الحقائق اسقاط العظيمتين ومحو الملكوت فى الحالتين وابطال الخيرين ونفى الشركة فى الوقتين الازل والابد والتفرد بالحق بنفى ما سواه ورؤية الحق والسماع منه وذلك قوله نرفع درجات من نشاء قال بعضهم فى قوله وفوق كل ذى علم عليم فوق كل ذى معرفة عارف الى ان ينتهى المعرفة الى المعروف فيسقط الاوصاف ويبقى حقا محضا وكيل وفوق كل ذى علم عليم لان علوم الخلق محدودات معلومات الى ان يبلغ العلم الى عالم السر والمخفيات وقال ابن الفرجى العلوم بتقارب على مقدار الطبائع والتعليم الى ان ترى من يتلقف العلم من الحق ورزق العلم اللدنى فذلك الذى لا عالم فوقه من الخلق.