التفاسير

< >
عرض

الۤر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ
١
ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ
٢
ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ
٣
-إبراهيم

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ الۤر } الألف ثلاثة احرف الف ولام وفاء والاشارة فيها الى الفته لقلوب اوليائه واللام لام الولاية كانه اليف اوليائه والراء اشارة الى رحمة السابقة فى اصطفائيتهم كانه قال بالالف انا وباللام الازال اى انا فى الازل رحمة اوليائى واصطفيتهم لروية جمالى وراحة وصالى ولهذه الصفات التى سبقت فى اصطفائيتك واصطفائية امتك واخبرتك بمحبتك ومحبة امتك وما اخبرت باشارة { كِتَابٌ } ان هذا كتاب محبق { أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ } لتعلم فضيلتك وفضيلة امتك { لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } اذا عرفناهم سبق عنايتى لهم تخرجهم بنور كلامى واخبارى عن كرمى ورحمتى عليهم عن ظلمات طبيعتهم وغواشى غفلتهم الى سعة فضاء كرمى ونور بسطى وانبساطى ويضا لتخرجهم من ظلمات الظنون الى نور اليقين وايضا من ظلمات العدم الى نور القدم ومن ظلمات النفس الامارة الى نور المشاهدة ومن ظلمات المجاهدة الى نور المكاشفة ومن ظلمات رؤية غيرى الى نور روية قربى قال جعفر فى قوله كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس عهد خصصت به فيه بيان سالف الامم ونجاة امتك انزلناه اليك ليخرجهم من ظلمات الكفر الى نور الايمان ومن ظلمات البدعة الى انوار السنة ومن ظلمات النفوس الى انوار القلوب قال ابو بكر بن طاهر من ظلمات الظن الى انوار الحقيقة قال ابو حفص الظلمة روية الفعل والنور روية الفضل قال الاستاذ من ظلمات الجهل الى نور العلم ومن ظلمات التدبير الى فضاء شهود التقدير ومن ظلمات التفرقة الى انوار الجمع ثم اخرج الهداية من علة الكسب بقوله { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } ثم بين ذلك النور بان هذا { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } وهو طريق العبودية الذى اصطفاه الحق لعرفان الربوبية على قدرهم لا على قدره فانه عزيز ممتنع عن مطالعة الحدث حقائق قدمه وهو محمود فى افعاله وذاته وصفاته بالسنة احبائه بما انالهم عبوديته وهداهم الى ربوبيته ثم وصف نفسه بالالوهية التى بدأ منه الكل واليه يرجع الكل وما كان وما سيكون وما هو حاضر من الملك والملكوت فى تصرفه وتدبيره يهدى به فيه ويهدى به وبما فيه من دلائل صنعه وربوبيته عارفيه الى مشاهدة جلاله وعظيم كبريائه بقوله { ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } فيه اشارة الى احبائه اى ان الكون وما فيه لى من اراد ذلك فليسال منى لا من غيرى ومن ارادنى فلا يلتفت الى ما لى قال الواسطى الكون كله له فمن طلب الكون فاته المكون ومن طلب الحق وحده سخر له الكون بما فيه قوله تعالى { ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ } وصف الله المرائين الذين يوثرون جاه الدنيا ورياستها على طلب الولاية وشرفها ويصدون المريدين عن طريق القاصدين الى الله ويصرفون وجوههم اليهم { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } فى ظلمات القهر ولا مخرج لهم منها ابداً قال ابو على الجوزجانى من احب الدنيا حرم عليه طريق الاخرة ومن طلب الاخرة حرم عليه طلب طريق نجاته ومن طلب طريق النجاة حرم عليه الوصول الى التفضل.