التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ
٤٢
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ
٤٣
-إبراهيم

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ } هذا من الله سبحانه محل تعظيم المراقبة والهيبة فى الرعاية والحياء فى المحاضرة وللظالم من مشرب بحر جماله وجلاله وحسنه وافضاله شربات من محبته وشوقه ومعرفته ويخرج على بساطه بنعت العربدة والسكر ودعوى الانائية لانه يجاوز طوره والاشارة بقوله { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ } يعنى فى الحقيقة ابصار سكارى المعرفة والتوحيد يوم الكشف الاكبر حين تبدو انوار سطوات العزة فتفنيهم عنهم بالحق وعظمته وكبريائه حتى يستغرقوا فى عظمته بحيث لا يقدرون الالتفات الى غيره بقوله { مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ } ثم ناد فى وصف قلوبهم واضمحلالها فى عزة العظمة بقوله { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } خالية عن العقول المدركة والارواح الفايقة لا تدرك من عزة القدم شيئا ولا من جلال الابدية مدركا ونعم ما قال سبحانه ولا تحسبن الله غافلا عمّا يعمل الظالمون حيث يشاهدهم ويشاهد ما يجرى عليهم بوصف الجبارية والعظمة فانه موضع شهودة وشهوده للعباد اعظم من شهود العباد عنده لان العباد فى محل الحضور وشهوده تعالى محل الكشف قال احمد بن حضرويه لو اذن لى بالشفاعة ما بدات الا بظالمى قيل له وكيف قال لانى نلت بظالمى ما لم انله من والدى قيل له وما ذاك قال تعزية الله فى قوله ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون قال ميمون بن مهران كفى بهذه الاية وعيدا للظالم وتعزية للمظلوم وقال ابن عطا فى قوله وافئدتهم هواء هذه صفة قلوب اهل الحق الا ترى الهواء قائم بالمشية والارادة غير قائمة بعلايق فوقها كذلك قلوب اهل الحق فى هذه الاية الله ليس فى قلوبهم محل لغير الله لا بساكن سوى الله ومثل قلوبهم كما قال الله تعالى وهى تمر مر السحاب لا تلتفت الى سواء ولا له قرار مع غير الله.