التفاسير

< >
عرض

الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ
١
رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ
٢
ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
٣
-الحجر

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ الۤرَ } فهم النقد بما بدا من فلق الالهام اخبارا كسر بصورة الالف واللام والراء ان الله سبحانه بين بالالف بحر الاثبات لانه خبر عن الاولية الا ترى كيف قدمها على اوّل اسمه الله وبين باللام بحر النفى لانها شقيقة لام لا وبين بالراء بحر كشف الربوبية وظهور انوار الرؤية وهذه من شرائط المعرفة فمن لم يسبح فى بحر === بنعت الفناء لوجدان عين الحقيقة وحق البقاء لا يبلغ الى بحر الربوبية ولا يدرك لطائفها ولا يصل الى عيان كشف الرؤية بحقائقها وقد انقلبت هذه الحروف من اماكنها ابهاما واشارة لفهوم الفهماء وادراك علوم العلماء الا تراها فى نسق صورة الايمان كيف كانت اولها لا اله ثم ذكر محل الاثبات بالالف الا الله ولم يذكر الراء لان الاكثرين استغرقوا فى البحرين ولم يصلوا الى البحر الثالث لاجل ذلك لم يذكر الراء فى هذه الكلمة وهذا سر عجيب لا يعرفه الا اهل السر من اهل التوحيد وهى اصل الكتاب لان الكتاب جاء مخبرا بمجموعه عن اسرارها بلسان صاحب الواقعة عليه السلام الى ترى الى قوله { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } اى هذه الحروف المتشابهة اصل هذا الكتاب والكتاب تفسيرها يترجمها بما فيها فى السورة بلسان القرن والقرآن مجمع اوصاف الربوبية وخبر ما كان فى الحروف المعجمة يخبر بلسان مبين يبين عند كل عارف عالم القران مبين فى ذاته ليس فيه ابهام لكن لم يخرج جلاله وجماله من حجاب الحروف بنعت التبيين الا لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد فيبين عن اسراره على قدر افهام السامعين فالموحد يسمع من حيث التوحيد فيوله والعارف يسمع من حيث المعرفة فيبهت والعاشق يسمع من حيث العشق فيتيه والمشتاق يسمع من حيث الشوق فيهيم والمحب يسمع من حيث منه لانهم من معرفته بالحقيقة فى ظنونهم وقت ام القرآن بوصفه لاهل السرّ فالايئس يستانس بجمال والسكران يطير بفهم خطابه ولذة سماعه قال الاستاد بين للمومنين ما يسكن قلوبهم وللمريدين ما يقوى رجاءهم وللمحبين ما يهيج اشتياقهم وللمشتاقين ما ينوّر اسرارهم ولما عظم شان القران فى خبر الملكوت والجبروت لانقياد الاكوان والحدثان عند جناب الرحمن وخضوع العارفين بنعت الفناء على جناب عز البقاء وبلغوا باياديه القدمية ومننه الازلية عليهم الى مقام النظر الى جماله وجلاله ومعاينة ذاته وصفاته وبروز انوار جلالهم بين اطباق الاكوان ويراها مع عزتها اهل الطغيان يتمنون انهم كانوا منقادين مستسلمين كما كان اهل المعرفة والحقيقة فيه للحق منقادين بقوله { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } المساقطين عن طريق الحق يودون انهم من المريدين ولم يكونوا من المنكرين وان يكونوا من المجتهدين ولم يكونوا من الكسالى البطرين وان يكونوا من الوافين ولم يكونوا من الساخطين وانيكونوا من المتوكلين ولم يكونوا بتدابيرهم لاجل الرزق من المقيمين وانيكونوا من العالمين ولم يكونوا من الجاهلين ومن الموقنين لا من الشاكين ومن العارفين لا من المقلدين ومن الموحدين لا من المدعين ومن المخلصين لا من المرائين قال بعضهم ربما يود الذين فسقوا لو كانوا مطيعين قيل ربما يود الذين كسلوا لو كانوا مجتهدين وربما يود الذين غفلوا لو كانوا ذاكرين قال ابن الفرح الكفر ههنا كفران النعمة معناه ربما يود الذين جهلوا نعم الله عندهم وعليهم ان لو كانوتا شاكرين عارفين برؤية الفضل والمنة قيل اذا صارت المعارف ضرورية احترقت نفوس اقوام عقوبة وتقطعت قلوب اخرين حسرة ثم سلّى قلب حبيبه عن انكارهم وطيب بخطابه فواده فقال { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } وصف المنكرين بشره بطونهم وشهوات فروجهم واصل نفوسهم شبههم بالبهائم وجعلهم اجهل منها باملهم ومنازعتهم المقادير لان البهائم لا يكون لها امل قال تعالى اولئك كالانعام بل هم اضل فهم لا يعلمون حقائق فسادهم وجهلهم بالله وباوليائه بترهاتهم وطاعاتهم وما اخدوا من ايام الطاعات بالمخالفات عند معاينة العقوبة ووقوع الحسرة قال ابو عثمان اسوء الناس حالا من كان شغله ببطنه وفرجه وتنفيذ شهوته حينئذ لا يلحقه انوار العصمة ولا يصل ابدا الى مقام التوبة قال ابو سعيد القرشى فى هذه الاية من شغله تربية نفسه وطلب مرادها والتمتع بهذه الفانية عن الاقبال علينا فاعرض عنهم ولا تقبل عليهم وذرهم وما هم فيه فلم يصل الينا الا من كان لنا ولم يكن لسوانا عنده قدر ولا خطر قال سهل اخبر الله عز وجل عن اخلاف === ان همتهم الاكل والتمتع فانساهم ذكر قرب الاجل ويعز عليهم ما ياملون من عيشهم على هذه الجملة فسوف يعلمون ان الذى لهم فيه هلاكهم وذلك الذى يبعدهم عن مدارج اهل السعادة فان من اراد الله به الخير جعل همته فيما يقربه اليه من المقام على الطاعات واجتناب المخالفات ومحاسبة النفس ومن ك ان بهذه الحالة يلهيه ذلك عن الاكل والشرب والتمتع.