التفاسير

< >
عرض

قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ
١٠٢
-النحل

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } اذا لم يكن الاعداء من قبيل اهل المعرفة بخطاب الله صار سجيتهما الانكار عليه لبعد مكانها من معرفة الله وشهوده ووجوده وما صدر منه من كلامه العزيز ردّهم الله بقوله قل نزله روح القدس يعنى ان اله سبحانه كلم فى الازل فاوحى كلامه الى جبرئيل وامره او يوحى حبيبه امر حبيبه ان يبلغه الى المؤمنين الذين عرفوا الله بالارواح حين اخذها الحق بميثاقه وكلمها بكلامه حين قالوا بلى ليثبتوا فى معرفة الله بخطاب الله ويستقيموا فى طاعته ثم وصف كتابه بانه معرف جميع صفاته وذاته لاهله ومبشر لهم بوصال حبيبهم ابدا بقوله { وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } وان الله سبحانه اذا اراد ان يتكلم يتكلم بنفسه مع نفسه كما يليق جلاله بلا همهمة ولا صوت ولا شئ من صفة الحدثان ثم يلبس كلامه قوة من قوته وجلالا من جلاله وعظمة من عظمته فيسمع جبرئيل على ما يليق بقوته يسمع كلامه بقوة قدسية مستعارة من قدس الله ولولا ذلك لذاب بسماعه اهل الملكوت ثم ان جبرئيل احتمل ذلك ونزل به الى النبى صلى الله عليه وسلم فالبس الحق ذلك القوة والجلال قلب نبيه فسمعه بتلك القوة ثم يفيض تلك القوة فى جميع وجوده فتقل عليه فحفظه الله بحفظه حتى بقى تحت اثقال برجاء وحيه الا ترى الى قوله تعالى انا سنلقى عليك قولا ثقيلا وهو الملقى وهو الحامل ولولا قوّته الازلية اعانته لطاش فى اقل سماع يسمع من كلامه وروح القدس مع جميع الارواح المقدسة من فيض تجلى قدس جلاله فكلها يكون قدسية فاى روح قدسه عليه اقرب فهو اظهر فى قدسها لا يلتصق بها العلل والحوادث قال الواسطى الارواح ليس لها نوم ولا لذة ولا موت ولا حياة بل هيى جوهرة لطيفة للطفه سمى روحا وللطف جبرئيل سمى روح القدس.