التفاسير

< >
عرض

قَالَ إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً
٣٠
وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً
٣١
-مريم

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً } هذا محض معجزته لانه نطق بالحق وتغرس بنور النبوة ان قومه جاؤوا بالاشارة اليه بالالوهية فنفى العلة من البين حتى لا يكون لهم شبهة بانه عبد من عبيده وامين من امنائه وان كان عليه كسوة انوار الربوبية انظر كيف حركته في المعرفة حتى اجترى بعبودية القدم الازلى الذى لا يقوم بعبوديته الاكوان والحدثان باسرها فى مقام واحد ولو تلقى ذرة من حقوق العبودية على جمعيهم لذابوا في نحت اثقالها وقوله أتاني الكتاب اى انا من اهل سماع كلامه القديم ولقائه الكريم اخبر الخلق والخليقة من الحقيقة وجعلنى نبيا صديقا مخبرا عن وصاله مباركا اينما كنت صلى لباس بركة ----- اى حيث كنت واكون في الارض والسّماء مباركا وبركتى تصل الى المؤمنين بانى قرة عيونهم من تلك البركة أذهب عنهم البلاء وبها احيى الموتى واوصانى بالصلاة والزكاة بظاهر العبودية والخدمة التي فيها لطائف المناجاة وفتح ابواب المشاهدات وزكاتى بذل وجودى له وهذه العبودية المباركة واجبة صلّى وعلى من اتبعنى وان بلغنا الى منازل الاتصاف والانصاف والاتحاد وفيه اشارة انه وان كان في الحضرة يخدم صانعه ويتواضع لخالقه لان عبوديته افخر الفاخر له وقال تعالى لن يستنكف المسبحان يكون عبد الله ولا الملائكة المقربون وقال الجنيد في قوله انى عبد الله ليس بعبد هوى ولا عبد طمع ولا عبد شهوة اتانى الكتاب يخصنى بخصائص الاسرار وجعلنى نبيّا مخبرا عنه خبر صدق وقال ابن عطا لما علم الله في عيسى ما علم من ان يتكلم فيه من انواع الكفر انطقه اول ما انطقه بقوله في عبد الله ليكون ذلك جحد على من يدعى فيه ما يدعى اذ قد شهد هو الله بالعبودية وقال ايضا في قوله مباركا اينما كنت انفاعا للناس كافى الاذى قال الواسطى جعلنى مباركا عارفا بالله داعيا اليه وقال الجنيد مباركا على من صحبنى وتبعنى ان ادله على الاعراض عن الدنيا والاقبال على الاخرة وقال ابن عطا في قوله واوصانى بالصلاة والزكاة امرنى بمواصلته وطهارة السر عما دونه ما دمت حيا بحيوته.