التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٣٠
-البقرة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً } لمَّا لم يعرفوا الله تعالى بحق المعرفة وعَجَزوا عن ادراك الحقيقة وانصرَفوُا عن باب الربوبيّة من هجوم الجلال سَطَوات العّزة عليهم فاحالهم الحق جلّ وعزّ الى ادم باقتباس العلم والادب في الخدمة حتى يوصلهم بعلم الصفات الى ما لم ينالُوا بالعبادات لانّهم عبدوا الله بجهل ولم يعرفوه حَقّ معرفته وهو عرف الله بحقيقة العلم الذي علمه من العلوم اللدنية لا جرم انّه استاذهم في علم المعرفة وان سَبقوا منه بالعبادة وايضاً يَرَ في الكون محبّاً صافياً كما يريد فجعل أدم لاجل المحبّة لانه خلق الملائكة لاجل العبداة فعرّفهم عند الشورة مع الملائكة خلوهم من المحبّة بشغلهم عنه بالعبادة وايضا اراد الملائكة ان يروا الله تعرفهم الحق ضعفهم عن النظر اليه فجعل أدم لهم حتى يَرَونه لان الله تعالى خلقه بيَدِه وصوره بصوره ووضع فيه مرأة روحه ذا نظر فيها تجل لهم الحق تعالى وايضاً ليس في العالم شاهد جميل -----الحق فخلف بيده والبَسَه من صفاته واحبه بصفاته وايضاً اراد الحق ان يظهر لهم نفسه في حقائق الصنع فانصرفوا من الحق الى الخلق وقيل عصوا الله تعالى باعتبارض الحق في مذمه أدم ومَدَح انفسهم لما قالوا انجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك لان الله تعالى سَمّى أدم خليفةً في بدو الخطاب والخليفة لا يخيف ولا يجور فمهلوا مَنْ وصفه الله تعالى بخلافته وعله بخصائص محبته ومَدَحه بالخلافة وهم غَيَّرواه بالفسق والجهالة من سؤ الظن وقلة الادب فكشف الله تعالى القدس عن وجه أدم وانوار جماله العالم فخجلوا من دعواهم واعتَرفوا بجهلهم فقالوا سبحانك لا علم نا الاّ ما علمتنا وقولهم نحن نسبح بحمدك تحركوا من حيث الاعمال وشان أدم من حيث الاحوال بروية الفعل عن مشاهدة الاصطفائية التي سبقت بنعت الحسن لادم وايضاً تعرضها بنعت المعبودية عند سرادِق العظمة منه على الربوبية فاسقطهم الله عن مقام حقيقة المعرفة واحوجهم باقتباس علمِ احالهم عن أدم قال بعضهم لما شاهَدُوا افعالَهم وافتخروا بها رد الله تعالى وجوهَهُم عنه الى أدم ومارهم بالسجود له اعلاماً انّ العبادة لا تَزن عنده شيئاً وقال بعضهم مَن استكبر بععلمه واستكبر بطاعته كان الجهل ولمنه الاثر اَهم لمّا قالوا نحن نسبح بحمد ونقدس لك الجاهم الى ان قالوا لا علم لنا وقال الواسطى من قال اَنَا فقد نازع القدرة قالت الملئكة نحن نسّبح بحمدك ونقدس لك وذلك لبعدهم من المعَارف وهم ارباب الافتخار والاعتراض على الربوبية بقوله اتجعل فيها من يفسد فيها وقال ابن عطا ان الملئكة جعلوا دعاويهم وسيلةً الى الله فاطر الله النارَ فاحرَق منهم في ساعةٍ واحدةً الوفاً فافروا بالعجز وقالوا سبحانك لا علم لنا وقال جعفر لما باهوا باعمالهم وتسبيحهم وتقديسهم ضربهم كلّهم بالجهل حتى قالوا سبحانك لا علم لنا قال بعض العراقيين شروط الخلافة روية بداية الاشياء فصلاً ووصلاً اذ لا فضل ولا وصلَ لم ينفصل منه شيء واي وصل للحدث والقدم وقال بعضهم عَيَّروا أدم واستصغروه ولم يعرفوا خصائص الصُنع به واظهر عليه صفات القدم فصار الخضوع له قربة الى الحقّ والاستكبارُ عليه بعد امن الحق وقال ابو عثمن المغربىّ ما بلاء الخلق الاّ بالدّعاوى الا ترى ان الملائكة لما قالوا نحن نسبح بحمد ونقدس لك كيف رُدوا الى الجهل حتى قالوا علمنا.