التفاسير

< >
عرض

وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٥٠
-النمل

عرائس البيان في حقائق القرآن

حقيقة المكر امتناع سر الازلية عن مطالعة الخليقة فاذا كان كذلك من ينجو من مكره والحدث لا يطلع على سوابق علمه فى القدم فمكره وقهره صفتان من صفاته لا يفارقان من ذاته ابد قدر امر العارف قبل وجود العارف ولا يعرفه منه الا ما اراد منه فكلما بقى عنه مستورا وهو لا يعرف شانه حتى وقع عليه فهو مكر ومن يخلو عن مكره نفسا وان قهره مباشر وجوده بنعت الاحاطة وحقايقه مندرجة تحت غيوب خواطر القلوب وهى اخفى من دبيب النمل ولا يعرفها الا المرادون الواصلون المحفوظون برعاية الازل والابد قال الصادق مكر الله اخفى من دبيب النمل على صخرة سوداء فى ظلمة ظلماء قال النور المعصية لا تخلوا من الخذلان والطاعة لا تخلوا من المكر وقال الشبلى اخترنا طريقة التصرف سلامة من مكر الله فاذا كله مكر وقال النورى المكر لا يعرفه الا الواصلون فاما المريد فانه لا يعلم ذلك لانه فى حرقة قال ابن عطا ما كان منه فى القرب فهو مكر وما كان منه فى البعد فهو حجاب وقال الشبلى المكر نعم الظاهر والاستدراج نعم الباطن وقال الجنيد المكر هم المشى على الماء والمشى فى الهواء وصدق الوهم وصحة الاشارة واجابة الدعاء فى كل هذا مكر لمن علم وقال النورى لولا المكر لما طاب عيش الاولياء وقال بعضهم فى طريق الله الف قاطع من قطاع الطريق والف خادع وما كرمو كل بالمريد السالك ولكل موكل غدر ومكر وخداع خلاف الأخرة فاذا حاك السالك غدر الموكل معه بشئ يعطيه يمنعه عن قصده وارادته ويحجبه عن مولاه.