التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
١٣٥
-آل عمران

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ } الاية اشارة الى قوم اخطاؤا فى السماع ومجالستهم مع حظوظ انفسهم بقايا صفات البشرية فهم حيث جلسوا بغير حضور ولا شهود ولا مراقبة ولا فقد يس الاسرار فى طلب الانوار فالفاحشة منهم سماع القول واظهار الوجد مع حظوظ النفس وحظ البشيرة والظلم منهم دعوى المعاملات والولايات وهم يعلمون انهم ليسوا على التحقيق فى السماع واظهار الوجد فادركهم الله بفيض رحمته حيث غرفهم فضائح انفسهم عنده ويلقيهم فى رية التغيير والعتاب ويضيق صدورهم بتلك الفاحشة والظلم فذكرون الله بشرط الندم---- التقصير والخجل بين يديه وسقوطهم عن عيون المشائخ فيستغفرون الله من كذب دعواهم بتيه الصدق فى التبرى عن دعوى ما ليس لهم واذا كان الامر كذلك ولم يضروا على ما فعلوه يغفر الله ما سبق منهم بايوانهم الى قربه فان ملاهم وصاحبهم لا غير وذلك قوله { وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } من وايضا فيها اشارة الى عشاق الله الذين استغرقوا فى بحار العشق والشوق واحترقوا بلوئح نيران الكبرياء وبغتة سطوات العظمة فيطلبون روح الانس بالاستراحة فى مشاهدة المستحسنات ويرتادون مشاهدة عروس القدم فى مقام الالباس وعين الجمع الذى فيه روية الحق فى مرأة الخلق وذلك الالتباس فاحشة منهم لانهم فى طلب القدم مع روية الحقد وليس هذا شرط تجريد حقيقة العشق واذا كانوا متحرقون بنيران التوحيد والتفريد فى رية الازل والابد والقدم والبقاء يطلبون النزول من مقام التوحيد الى مقام العشق وهذا ظلهم منهم على انفسهم لانهم نقصوا حظ التوحيد بفرارهم من الفناء فى التحيد الى بقائهم فى العشق وقوله ذكروا الله اى اذا كانوا مذركين انفسهم فى مقام المكر والاستدراج وفقدانهم اسرار مقام الفناء درجاته يفزعون بالكلية الى كلية الحق جل عن الخواطر والضمائر لان قوله تعالى ذكروا والله لم يقل ذكروا اسمه اونعته وصفته منه وفعلا منه بل ذكروا الله اى فنوا فى الفرار منه اليه فى صرف الالوهية بروية الذات والصفات يدركهم الحق بانكشاف ما استاثر من نفسه لنفسه او لاهل نور نوره الذين بقوا فى الفناء وفنوا فى البقاء لهم خاصيته واصطفائيه وايضا فيها اشارة الى اسحاب المواجيد والوقائع والمكاشفات الذين عادتهم السلوك فى المعاملات من الطاعات والرياضات فاذا اورد عليهم واردو تضيق وقت وظائفهم يرجعون الى اداء الورد وهذا سؤء ادب كما سئل الحريرى فى ذلك قال هذا سوء ادب وهذا فاحشة منهم النزول من الربوبية الى المعبودية والظلم تركهم مقام الوصال واختيارهم وسائط الاحوال ذكروا الله بعد تغير الله اياهم بخلوهم عن الوسيلة ورجوعهم الى المشاهدة والقربة قال الواسطى الطاعات فواحش ما ذكروا الواسطى تفسير بلسان الشطح وسئل ابو عبد الله بن جلا عن الظلم فقال متابعة النفس على ما تشتهيها وسئل محمد بن على عن قوله والذين اذا فعلوا فاحشة قال النظر الى الافعال وظلموا انفسهم بروية النجاة باعمالهم ذكروا الله لحقهم التوفيق من الله وادركهم العصمة منه فاستغفر الذنوبهم من أفعالهم واقوالهم ومن يغفر الذنوب الا الله علموا ان لا وصل الى الله الا به وقال الاستاد يقال فاحشة كل احد على حسب حاله ومقامه وكذلك ظلمهم وان خطور المخالفات ببال الاكابر كفعلهم عن الاغيار وقال قائلهم

انت عينى وليس من حق عينى غمض اجفانها عن الاقذاء

وليس الجرم على الباسط كالذنب على الباب وقال الباب ان روي الاحوال والاقوال كظلمات عند ظهور الحقائق.