التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٧
وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ ٱلآنَ وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
١٨
يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً
١٩
-النساء

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ } ظاهر الاية فى انما التوبة على الله على بمعنى من اى انما التوبة من الله يعلمون السوء وعلى لسان القوم الاشارة فيه ان من وقع فى المعصية وقع فى الظلمة والحيرة ولا يرى سبيل الرشد ولم يكن فى وسع البشر ان يهدى نفسه الى طريق الحق فانه هو الهادى متعلقة باوصاف قدمه ويستحيل ان يكون الحادث على وصف القديم فاذا على الله لنعته ووصف نفسه بالهادى لانه الهادى ان يرجع الى عبده المتحير الذى زل قدمه فى شهوات طبعه فانه لا يقدر ان يخلص نفسه من قهر الله انما تخليصه شرط كرمه الفياض الذى وصف به نفسه تعالى للمذنبين الذين يقصودون حظوظ البشرية بغير الاختيار قال كتب ربكم على نفسه الرحمة فبقى على بشرط الظاهر بقوله كتب ربكم على انما الرجوع منه الى العبد شرط الرحمة الواسعة التى بها قال سبقت رحمتى غضبى هذا سنة الله على ابينا أدم صلوات الله عليه بعد كل الحنطة بقوله فتاب عليه انه هو التواب الحريم وقال ثم اجتنبه ربه فتاب عليه وهدى وخص توبته ورجوعه للذين يعملون السوء بجهالة اخبار عن عطفه ولطفه باقوام امتحنهم الله فى بدو الارادة فى بعض حظوظ انفسهم لايقاع نيران الندم والخوف والحياء والاحلال فى قلوبهم لئى يرفعوا اعناقهم عبد انصفاهم بنعوت الكبرياء وبلوغهم حقائق الانبساط ومقامات الاتحاد فيسقطوا عن روية الازلية ومشاهدة الابدية فى فنائهم عن الحدوث وتخلقهم بخلق القدم واضافة السوء اليهم ونسبتهم الى الجهل اى الذين يعملون سنيات الطاعات على روية الاعواض جهلا بمكره وقلة عرفانهم بعزته وتنزيه جلاله عن طاعة المطيعين ومعاصيت العاصين يعلمون الطاعات ويرونها انها هى شئ ويتقربون تعل الحدث الى جناب القدم فاذا صاروا مبصرين جمال مشاهدته استحيوا من ظنون بطاعاتهم فى جلال عظمته وذلك قوله { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } بشوقهم الى لقائه { حَكِيماً } بترتبهم فى معرفته وقيل فى قوله للذين يعملون السوء بجهالة الدين يتقربون بالطاعات الى من لا يتقرب اليه الاية وقال محمد بن الفضل ضمن الله التوبة لمن ينذر منه الذنب من غير قص لا صح الى من يضمره ويتاسف على قوته قال الله تعالى انما التوبة على الله الأية قوله تعالى { وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } اى كونوا فى معاشرتهن فى مقام الانس وروح المحبة وفرح العشق حين انتم مخصوصون بالتمكين والاستقامة فى الولاية والابدال حيث اخبر صلى الله عليه وسلم عن كمال مقام انسه بالله وروحه بجمال مشاهدته فقال حبب الى من دنياكم ثلثة الطيب والنساء وجعلت قرة عينى فى الصلاة وهكذا احل يوسف عليه السلام حين هم فيها قال الله تعالى ولقد همت به وهم بها وقال ذو النون المستانس بالله يستانس بكل شئ مليح وجه صحيح وبكل صوت طيب وبكل رائحة طيبة وايضا عاشروهن بطلب ولد صالح منهن وايضا عاشروهن اى باشروهن حين رغيبن فى مرادكم منهن فان المعرفون لا يقع الا على استواء من كل الجانبين على نعت واحد وايضا اى عرفوهن صفات الله اسماءه ورغبوهن فى طاعته بنعت العلم وشوقوهن الى جماله وجلاله قيل علموهن السنن والفرائض قال عبد الله بن مبارك العشرة الصحيحة ملا يورثك الندم عاجلا وأجلا قال ابو حفص العاشرة بالمعروف حسن الخلق مع العيال فيما ساءك وما كرهت صحبتها قوله تعالى { فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } كل امر من الله سبحانه جاء على مخالفة النفوس امتحانا واختبار او النفس كارهة فى العبودية فاذا الزمت عليها حقوق الله بنعت المجاهدة والرياضة واستقمت فى عبودية الله اول ما يطلع على قلبك انوار جنان القرب والمشاهدة قال تعالى ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هى الماوى وفى اجواف ظلام المجاهدات للعارفين شموس المشاهدات واقمار المكاشفات قيل فى تفسير الخير ههنا الوالد الصالح قيل غيب عنك العواقب لئلا تسكن الى مالوف ولا تفروا من مكروه.