التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ ٱلأَكْمَهَ وَٱلأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ ٱلْمَوتَىٰ بِإِذْنِيِ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
١١٠
-المائدة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ } اى اذكر لخواص احبائى والمريدين ما انعمت عليك من كشف جمالى لك واظهار علومى عليك وتجلائى منك للعالمين والقاء كلمتى الى امك اذ برزت منها انوارها تظهرك ملتبسا بلبسا نور الالوهية وذلك حين { أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } اى بروح المعرفة التي اشرقت من صبح الازل وذلك النفخ الاول الذي نفخت فى أدم من روح بتجلى جلالى وظهور جمالى الا ترى الى قوله ان مثل عيسى عند الله كمثال أدم كشف عن قدسه لصورة عيسى فصار حيا بكشف ومقدسا بروح قدسه عن تهمة مزج الاهويته بنالسوتية فصار جميع وجوده روحا قدسيا الا ترى كيف كان يتحى الموتى باذن الله اى بتائيد اله وجلال نور روح قدسه وايضا ايدتك بجبرئيل عليه السلام ليعرفك مكان العبودية والشريعة ويلزمك فى مهد البشرية فانك صدرت من نور الربوبية لولا ذلك ما سكنت فى الكون قال بعضهم منهم من القى اليه روح النبوة ومنهم من القى روح الصديقية ومنهم من القى اليه روح المشاهدة ومنهم القى اليه روح الصلاح والحرمة واسراليهم مما لا يترجم ولا يغير علم ربانى غاب وصفه حقه وقال الواسطى لا يصح الصحبة مع الله الا بصحبة الروح فى صبحة القدم قال الله ايدتك بروح القدس تكلم الناس فى المهد وكهلا الا بالعقل فمن صحت صحبة روحه فى القدم صحت صبحته مع الله وقال فى قوله ايدتك بروح القدس ذكر الروح فى هذا الموضع لطفا لقربه من المستترات قال بعضهم قدست روحك ان يمازج شيئا من هيكلك وطبعك بل ظهرته لئلا ترى غيرى ولا تشاهد سواى واسكنته قالب جرمك سكون عارية كاسكان أدما الجنة لا طهر به جسدك عن ادناس الكون حتى قدسهما جميعا واخرجهما الى محل القدس ومن تمام نعمة الله عليه صيرورة جسمه بنعت روحه فى المهد مثابه القدرة فيه فى كهلولته حتى عرف عباد الله تنزيه الله وقدس صفات الله وحسن جلال الله وهذا معنى قوله تعالى { تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً } وزاد فى وصفه بقوله تعالى { وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَابَ } تجلى بقدرته ليده حتى تحظ بغير تعلم { وَٱلْحِكْمَةَ } اى حكمة معارف الشعق وطريق كواشف الملكوت وبطون الافعاليات بنعت ماهيتها { وَٱلتَّوْرَاةَ } علمه ما علم موسى بنعت تجلاله له من نورا لتوارة ليعلم شرايع المعرفة وحكم الربوبية { وَٱلإِنْجِيلَ } عرفه اناجيل القدمية بظهور صفات الابدية وزاد وصفه على وصف باتصافه بالقدرة القامئة ولاقوة الالهية فى خلق الطير حين نفخا من نفخ روح القدس التى فيه وذلك امارة ظهور ربوبية الله منه ولذلك كان قادرا على ابراء الاكمه والابرص واحياء الموتى والاستشراف على مكنون الغيب بقوله بما وصف فى موضع أخر وانبئكم بما تاكلون وما تدخرون فى بيوتكم قال ابو على الرد بارى فى قوله وتبرئ الاكمه والابرص غاية الربوبية فى غاية العبودية لما استقام على بساط العبودية اظهر عليه اشياء من اوصاف الربوبية بقاضائه وقدره.