التفاسير

< >
عرض

مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
١١٧
-المائدة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ } قلت لهم الا ما امرتنى به اى ما قلت لهم الا بافراد قدمك عن الحدوث واسقاط الغير عن البين وهو قوله تعالى { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } اظهر عبوديته فى عبوديتهم فرد للموحد النزه عن الانداد والاشباه قوله تعالى { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً } اى فى الدنيا فى طاعتهم وعصيانهم وما كشف لى من بعض سرائرهم ايضا اى كنت عليهم شهيدا { مَّا دُمْتُ } فى مقام الرسالة وابلاغ الوحى اليهم اما اذا افنيت عن الاكوان من صولة مشاهدتك فغاب عن اخبار اهل الكون وتصديق ذلك قوله تعالى { فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ } اى كيف تخفى عليك ما خلقت ظاهره وباطنه وانت قديم محيط بكل ذرة من العرش اىل الثرى فالعجز عن ذلك صفة من يتلاشى فيك كما انا حين توفيتنى عنى اليك قيل فى قوله ما قلت لهم الا ما امرتنى به انى لى لسان القول الا بعد الاذن بقولك من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه وقيل فى قوله فلما توفيتنى كنت انت الرقيب عليهم اى لما اسقطت عنى ثقل الاب رغ كنت مراقبا لهم بما اجريت عليهم من محتوم قضايك قال ابو بكر الفارسى فى هذه الأية الموحد ذاهب عن حاله ووصفه عن ماله وعليه وانما هو ناظر بما يرد ويصدر ليس بينه وبين الحق حجاب ان نطق نعته وان سكت فيه حيث ما نظر وكان الحق منظوره وان ادخله النار لم يلتمس فرجا لان رؤية الحق وطنه ونجاته وهلاكه من عين واحدة لم يبق حجاب الا طمسه برؤية التفريد وكان المخاطب والمخاطب واحدا وانما كان يخاطب الحق نفسه بنفسه لنفسه قد تاهت العقول ودرست الرسوم وبطل ما كانوا يعلمون.