التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٦٢
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ
١٦٣
قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
١٦٤
-الأنعام

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } صلواته وسجوده قربه وشهوده مشاهدة وركوعه وجدو قيمامه حيرة لذلك قال قرة عينى فى الصلاة لان قربة عينه ظهور مشاهدة الله فى صلواته ولذلك ازه واردات تجلى الجلال والجمال حتى قيل كان يصلى ولحوقه ازير كازير المرجل الى هذه الصلاة لله لانها مقدسة من رؤية غير الله فيها ومن مثابتها كانت لله خاصة لخصوصية صاحبها وشرفها على جميع الخلائق ولان الصلاة وعبادة الجمهور وكانت بالعرض الا هذه الصلاة لانها كانت فناء الحدث فى القدم وقربان منهم روح الاول على باب الازل بسيف المحبة والعشق شوقا الى معدنه وهذا معنى قوله ونسكى فاذا جعل وجوده قربان الازل حى بحاية القدم ثم فنى فى ظهور سطوات العزة به كان حيواته ومماته ومثله هذه الحياة والممات والنسك والصلاة ان يكون لله رب العالمين لقدسها عن علة حظ الحدثان وخطرات علة النسيان قال الواسطى بيان هذه الأية فى قوله لله ما فى السموات وما فى الارض فمن لاحظها من نفسه قصمته ومن تيرأ منها عصمته كيف يجوز موجدان يلاحظ قيل من علم انه بالله علم انه لله فان علم نفسه لم يبق فيه نصيب لغير الله فهو مستسلم لحكم الله غير معترض على تقدير الله ولما كان عليه السلام يوصف ما ذكرنا حيث انفرد نفسه لله بحث لا يرى غير الله بقوله تعالى { لاَ شَرِيكَ لَهُ } اى لا رؤية للغير فى البين فى ظهور شمس جلاله من مطلع القلب وقوله تعالى { وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ } اى هو يستحق لافراد قدمه عن الحدوث ولا يستحق ذلك لغيره وما دام شانه ذلك خص الله جوهر باول الفطرة التى انقادت لعزته عند ظهور تجلى هيبته الازلية لها قال سبحانه عقيب قوله وبذلك امرت { وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } اشارة الى تقدم روحه وجوهره على جميع الكون واهله فى الحضرة حين خاطبه بالرسالة والولاية المحبة والخلة فانقاد فى اول الأول الازلى الابدى تعالى الله عما يقولون الظالمون علوا كبير واشار الى ما ذكرنا قوله عليه السلام كنت نبيا وأدم بين الماء والطين وقوله عليه السلام وان ما خلق الله نووى وقيل فى قوله وانا اول المسلمين اى اسلمت لتصاريف قدرته متبرئا من حولى وقدوتى مع ان التسليم فى الحقيقة علة ولما كان سابقا على جميع الخلائف فى حضرة العزة بنعت الانقياد بعز ربوبيته ومعرفته بجلال ديموميته امره تعالى بان يعرف نفسه الشريفة المبرأ عن علة الحدثان لجميع الخلائق ليعرفه كل صادق ويطيعه كل محب موافق بقوله { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً } اى انا فى مشاهدة قدم الله ابغى ستاثر على مشاهدته سواه حاشا من عظم شانه ان يكون عصوا لجماله من العرش الى الثرى قال الجورجانى اسواه اطلب حافظ وراعيا ووكيلا وهوا لذى كفانى الهمم والهمنى الرشد قوله تعالى { وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا } اى ما عملت النفوس الا ما الزمت عليها فى الازل فاذا عملت ترجع اليها لان خالقها منزع عنها قال بعضهم لا تكسب من خير وشر وكل نفس الا عليها اما الشر فهو ماخوذ به واما الخير فهو مطلوب منه صحة قصده وحلوة من الريا والعجب ورويته من نفسه والتزين به والافتخار به والاعتماد عليه والاحسان فيه فاذا حصلته وجته عليه لا اله الا ان يعفو الله عز وجل.