التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ
١٥٠
-الأعراف

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً } وصل الى كليم المضرب قهر ترانى ورجع غضبانا منه عليه من غلبة انبساطه وشربه وكرس سم افاعى الفرق اسفا مما فات من وصول الوصول ورجع الى قومه مع شريعة العبودية فى تلك الحالة وراى عبده العجل صار كاسود الجياع واخيه فان الكليم رجع من باب الازل الذى كان الحدثان هناك باسرها اقل من ذرة فراى دناءه هم القوم حين اختراوا مصنوعهم بالالهية واين اعقل والفهم والعلم والانسانية هناك العقل لا يقبل من وصفه التغير والاصوات والخوار المشابهة والجسدية والمملاثلة بالالوهية المنزعة عن المتاشبه باشكال الحدثان الا ترى ان الله عز وجل وصف العجل بالعرض والجوهر حيث قال عجلا جسدا له خوار ووصفه بانه لا يكلمهم من عجزه عن ابداع الكلام ولا يهديهم الى سبيل تجاتهم من قهر ربوبيته الازل وليس من يقدر بالكلام فهو اله ارادته لا يكلمهم مثل كلام الازلى الذى يكلمهم الله الذى من وصفه انه صفة الازل المنزه عن الخوار والاصوات والهمهمة والانفاس والحروف والقياس قيل اسفا على ما فاته من مخاطبة الحق الى مخاطبة من لا اوزان لهم فرده من شوقه الى مشاهدة لئى يقطعه وحال شوقه ومن بقيه سكره وغضبه من فوت مكالمة الحق واسفه على قوت مشاهدته الىقى الالواح واخذ برأس اخيه يجره اليه ان الله سبحانه علم شوق موسى الى جماله وعشقه بوجهه فاراه كل وقت ما اغراه عليه لزيادة خرقة وهيجانه اغضبه لان الله احب غضب كليمة وهكذا عادة الاحباب فابرز من اول اللوح نعوت نبينا صلى الله عليه وسلم فلما راى بينه وبين حبيبه من اقرب منه اليه غضب من غيره العشق وهكذا شان العاشقين وايضا ذكر ايام الوصال وطيب المناجاة بغير واسطة الالواح فالجاء فوت تلك المقامات الى كسر الالواح فالقى الالواح لانها عراضة بينه وبين خطاب محبوبه صرفا بلا واسطة وجراخيه اليه لانه راه فى مقام الشريعة مشغولا عن تلك المواقف القدسية التى خرج منها قال ابو سعيد القرشى من تحرك غيرة للحق فان الحق يحفظ عليه حوده لئلا يخرجه الحركة الى شئ مذموم كموسى لما القى الالوح واخذ برأس اخيه يجره لما راى قومه يعبدون العجل فلما يعابته الله على ذلك ولو باشر احد من الكسر والاخذ ما باشر موسى كان ملوما ولكن حركة موسة كانت ملاحظ لموسى فيه بل قام غيره الله وانتقاله فلم يزد وبذلك من الله الا قربا.