التفاسير

< >
عرض

ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٣١
يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ
٣٢
-التوبة

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى: { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } عبر من بقى فى رؤية المقتدى عن رؤية الحق وان كان وسيلة منه فان فى افراد القدم من الحدوث الى النظر الى الوسايط شرك وتصديق ذلك تمام الاية قوله { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً } غيرة الوحدانية ما ابقت فى البين غير امن الشواهد والايات وجميع الخلق قال الله قل الله ثم ذرهم ولما راى عليه السّلام غيرة القدم على شانه استهلاك الغير زجر من مدحه وتجاوز فى المدح فقال لا تطرونى كما اطرت النصالى المسيح وتحرك فى تفريد سره من رفع الحدثان حين تكلم فى الصحو بعد السكر واخبر عن فناء الكل فى الكل وقطع مسالك الصورة عن افراد القدم بقوله لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل بعد ان كان مامورا بمتابعة الخليل عليه السّلام بقوله ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا قال ابو يزيد فى مقالة التوحيد اياك ان يلاحظ الحبيب والكليم والخليل وتجد عند الله سبيلا وسئل الشبلى عن وصف جبرئيل عليه السّلام فقال والله ما خطر على قلبى منذ شهرا ان الله خلق جبرئيل اخبر عن فناء شهوده فى شهود الله قال بعضهم فى هذه الاية سكنوا الى امثالهم فطلبوا الحق من غير مطانة وطرق الحق واضحة لمن كحل بنور التوفيق وبصر سبل التحقيق ومن اعمى عن ذلك كأن مردودا من طريق الحق الى طرق الضالين من الخلق وقد وقع انهم معيرون وموبحون بقلة عرفانهم اهل الحقائق وركونهم الى اهل التقليد وسقطوا عن منازل اهل التوحيد فى التفريد وهكذا شان من اقتدى بالزراقين من اهل السالوس المتزينين بزىّ المشائخ والعارفين المتحققين وتخلف خلف الجامعين للدنيا الذين يقولون نحن ابناء المشائخ ونحن رؤساء الطريقة يضحك الله الدهر ملجأهم حيث علموا ان الولاية بالنسب حاشا ان من لم يذق طعم وصال الله وقلبه معلق بغير الله هو من اولياء الله قال الجنيد اذا اراد الله بالمريد خيرا هداه الى صحبة الصوفية ووقاه من صحبة القراء ولو اشتغلوا بشأنهم وجمع دنياهم ولم يتعرضوا لاولياء الله ولم يقصد واسقاط جاههم يكفيهم شقاوتهم لا سيما ويطعنون الصديقين والعارفين قال الله فى شأنهم { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } كيف يطفئوا نيران حسابهم انوار شموس الصفات التى تبرز من جباه وجوههم ولآلى خدودهم واصلها ثابت فى افلاك الوحدانية وسماوات القيومية ويزيد نورهم على نور لانه تعالى بلا نهاية ولا منتهى بصفاته.