التفاسير

< >
عرض

وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ
٥
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٦
وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ
٧
-الرعد

تفسير القرآن

{ وإن تعجب } عن قولهم فهو مكان التعجب لأن الإنسان في كل ساعة خلق آخر جديد، بل العالم لحظة فلحظة خلق جديد بتبدّل الهيئات والأحوال والأوضاع والصور، فكيف ينكر الخلق الجديد من نظر في عالم الكون والفساد بعين الاعتبار؟ { أولئك الذين } حجبوا عن شهود أفعال الربوبية وتجلياتها، فكيف عن تجليات الصفات الإلهية؟ { وأولئك الأغلال في أعْنَاقهم } فلا يقدرون أن يرفعوا رؤوسهم المنتكسة إلى الأرض القاصر نظرها إلى ما يدانيها من الحسّ فيروا ملكوت الأرواح ويشاهدوا عالم القدرة وما يبعد عن منازل الحسّ من المعقولات { وأولئكَ أصْحَابُ } نيران جهنم الأفعال في قعر هاوية الطبيعة { هم فيها خالدون }.
{ ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة } بمناسبة استعدادهم للشرّ لاستيلاء الهيئات المظلمة والرذائل عليها فينزعون إلى الشرّ لغلبة الشرّ عليهم. { وقد خَلَتْ من قَبْلهم } عقوبات أمثالهم { وإنّ ربّك لذو مغفرة للناس } مع ظلمهم على أنفسهم باكتساب تلك الهيئات الغاسقة الحاجبة عن النور لمن لم ترسخ فيه ولم تبطل استعداده فيزيلها بنور رحمته { وإنّ ربّك لشديد العقاب } لمن ترسخت فيه وصارت ريناً وأبطلت الاستعداد.
{ ويقول الذينَ كَفَروا لولا أنزل عليه آية من ربّه } حجبوا، فلم يروا الآيات الشاهدة على النبوّة من اتصافه بصفات الله لعدم إدراكهم وعمى بصائرهم، فلذلك لم يعدوها آيات واقترحوها على حسب هواهم ما عليك إلا إنذارهم لا هدايتهم، إذ الهداية إلى الله { ولكل قومٍ هادٍ } يناسبهم بحسب الجنسية الفطرية فيألفونه عند كماله وتلقيه النور الإلهي، ويقبلون الهداية منه فيهديهم الله على مظهره، فمن ناسبك بتلك الجنسية الأصلية قبل الهداية منك ومن لا فلا.