التفاسير

< >
عرض

سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ
١
-الإسراء

تفسير القرآن

{ سبحان الذي أسرى } أي: أنزهه عن اللواحق المادية والنقائص التشبيهية بلسان حال التجرّد والكمال في مقام العبودية الذي لا تصرف فيه أصلاً { ليلاً } أي: في ظلمة الغواشي البدنية والتعلقات الطبيعية لأنّ العروج والترقي لا يكون إلا بواسطة البدن { من المسجد الحرام } أي: من مقام القلب المحرّم عن أن يطوف به مشرك القوى البدنية ويرتكب فيه فواحشها وخطاياها ويحجّه غوى القوى الحيوانية من البهيمية والسبعية المنكشفة سوأتا إفراطها وتفريطها لعروها عن لباس الفضيلة { إلى المسجد الأقصى } الذي هو مقام الروح الأبعد من العالم الجسماني بشهود تجليات الذات وسبحات الوجه، وتذكر ما ذكرنا أن تصحيح كل مقام لا يكون إلا بعد الترقي إلى ما فوقه لتفهم من قوله.
{ لنريه من آياتنا } مشاهدة الصفات، فإن مطالعة تجليات الصفات وإن كانت في مقام القلب لكن الذات الموصوفة بتلك الصفات لا تشاهد على الكمال بصفة الجلال والجمال إلا عند الترقي إلى مقام الروح، أي: لنريه آيات صفاتنا من جهة أنها منسوبة إلينا ونحن المشاهدون بها، البارزون بصورها { إنه هو السميع } لمناجاته في مقام السر لطلب الفناء { البصير } بقوة استعداده وتوجهه إلى محل الشهود وانجذابه إليه بقوة المحبة وكمال الشوق.