التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً
٩٨
كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً
٩٩
مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً
١٠٠
خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً
١٠١
يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً
١٠٢
يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً
١٠٣
نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً
١٠٤
-طه

تفسير القرآن

وذلك مقام الاستقامة إلى الله والقيام بحقائق العبودية لله، ولا تتجلى ناصية التوحيد ولا يحصل مقام التجرّد والتفريد إلا به، ولذلك عقبه بقوله:
{ إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو } إذ يكون السالك قبل ذلك مصلياً إلى قبلتين، متردّداً في العبادة بين جهتين، متخذ الإلهين { وسِعَ كل شيء علماً } أي: يتحقق هناك التوحيد بالفعل، وتظهر إحاطة علمه بكل شيء وحدوده وغاياته فتقف كل قوّة بنور الحق وقدرته على حدّها في عبادته وطاعته عائذة به عن حولها وقوّتها، عابدة له بحسب وسعها وطاقتها، شاهدة إياه، مقرّة بربوبيته بقدر ما أعطاها من معرفته: مثل ذلك القصص { نقص عليك من أنباء ما قد سبق } من أحوال السالكين الذي سبقوا، ومقاماتهم لتثبيت فؤادك وتمكينك في مقام الاستقامة كما أُمرت { وقد آتيناك من لدنا ذِكْرَاً } أي: ذِكْراً ما أعظمه وهو: ذكر الذات الذي يشمل مراتب التوحيد.
{ من أعرض عنه } بالتوجه إلى جانب الرجس وحيز الطبع والنفس { فإنه يحمل يوم القيامة } الصغرى وزر الهيئات المثقلة الجرمانية، وآثام تعلقات المواد الهيولانية.
{ يوم ينْفخ } الحياة { في الصور } الجسمانية، بردّ الأرواح إلى الأجساد { ونحشر المجرمين } الملازمين للأجرام { زرقاً } عمياً، بيض سواد العيون، أو شوهاً في غاية قبح المناظر، يحسن عندها القردة والخنازير، يسرون الكلام لشدّة الخوف أو عدم القدرة على النطق، ويستقصرون مدة اللبث في الحياة الدنيوية لسرعة انقضائها وكل من كان أرجح عقلاً منهم كان أشدّ استقصاراً إياها.