التفاسير

< >
عرض

مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٧٩
وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١٨٠
-آل عمران

تفسير القرآن

{ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه } من ظاهر الإسلام وتصديق اللسان { حتى يميز الخبيث } من صفات النفس وشكوك الوهم وحظوظ الشيطان، ودواعي الهوى من طيبات صفات القلب كالإخلاص واليقين والمكاشفة ومشاهدات الروح ومناغيات السرّ ومسامراته، وتخلص المعرفة والمحبة لله بالابتلاء ووقوع الفتن والمصائب بينكم.
{ وما كان الله ليطلعكم على } غيب وجودكم من الحقائق والأحوال الكامنة فيكم بلا واسطة الرسول لبعد ما بينكم وبينه وعدم المناسبة وانتفاء استعداد التلقي منه { ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء } فيطلعه على أسراره وحقائقه بالكشف ليهديكم إلى ما غاب عنكم من كنوز وجودكم وأسراره للجنسية النفسانية التي بينه وبينكم، الموجبة لإمكان اهتدائكم به { فآمنوا بالله ورسله } بالتصديق القلبيّ والإرادة والتمسك بالشريعة ليمكنكم التلقي والقبول منهم { وإن تؤمنوا } بعد ذلك الإيمان بالتحقيق والسلوك إلى اليقين والمتابعة في الطريقة { وتتقوا } الحجب النفسانية وموانع السلوك { فلكم أجر عظيم } من كشف الحقيقة { بما أتاهم الله من فضله } من المال والعلم والقدرة والنفس ولا ينفقونه في سبيل الله على المستحقين والمستعدّين والأنبياء والصدّيقين في الذبّ عنهم أو الفناء في الله { سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } أي: يجعل غلّ أعناقهم وسبب تقييدهم وحرمانهم عن روح الله ورحمته وموجب هوانهم وحجابهم عن نور جماله لمحبتهم له وتعلقهم به { ولله ميراث السموات والأرض } من النفوس وصفاتها كالقوى والقدر والعلوم والأموال وكل ما ينطبق عليه اسم الوجود فما لهم يبخلون بماله عنه.