التفاسير

< >
عرض

قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
٤٧
وَيُعَلِّمُهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ
٤٨
وَرَسُولاً إِلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِيۤ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُبْرِىءُ ٱلأَكْمَهَ وٱلأَبْرَصَ وَأُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
٤٩
وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ
٥٠
إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ
٥١
-آل عمران

تفسير القرآن

{ قالت ربّ أنى يكون لي ولد } تعجب النفس من حملها وولادتها من غير أن يمسها بشر، أي من غير تربية شيخ وتعليم معلم بشري، وهو معنى بكارتها { قال كذلك الله يَخلق ما يَشاء } أي: يصطفي من شاء بالجذب والكشف ويهب له مقام القلب من غير تربية وتعليم كما هو حال المحبوبين وبعض المحبين.
{ ويعلّمه } بالتعليم الربانيّ، كتاب العلوم المعقولة، وحكم الشرائع، ومعارف الكتب الإلهية من التوراة والإنجيل، أي معارف الظاهر والباطن { ورَسُولاً } إلى المستعدّين الروحانيين من أسباط يعقوب الروح { أني قد جِئْتكم بآية من ربّكم } تدلّ على أني آتيكم من عنده { أني أخلق لكم } بالتربية والتزكية والحكمة العملية من طين نفوس المستعدّين الناقصين { كهيئة الطير } الطائر إلى جناب القدس من شدّة الشوق { فأنفخ فيه } من نفث العلم الإلهيّ ونفس الحياة الحقيقية بتأثير الصحبة والتربية { فيكون طَيراً } أي: نفساً حيّة طائرة بجناح الشوق والهمة إلى جناب الحقّ { وأُبْرِئُ الأكمه } المحجوب عن نور الحق الذي لم تنفتح عين بصيرته قط ولم تبصر شمس وجه الحق ولا نوره ولم يعرف أهل بكحل نور الهداية { والأَبْرَص } المعيوب نفسه بمرض الرذائل والعقائد الفاسدة ومحبّة الدنيا ولوث الشهوات بطب النفوس { وأُحْيي } موتى الجهل بحياة العلم { بإذنِ الله وأُنبئكم بما تأكلون } تتناولون من مباشرة الشهوات واللذّات { وما تدّخرون في بُيُوتكم } أي: في بيوت غيوبكم من الدواعي والنيّات { إنّ في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ومصدّقاً لما بين يدي من التوراة } أي: من توراة علم الظاهر { ولأحل لكم بعض الذي حرمَ عليكم } من أنوار الباطن { وجئتكُم بآية } بدليل { من ربّكم } هو التوحيد الذي لم يخالفني فيه نبيّ قط { فاتّقوا الله } في مخالفتي، فإني على الحق { وأطيعونِ } في دعوتكم إلى التوحيد.