{ إنْ يدعون من دونه إلا إناثاً } أي: نفوساً، إذ كل من يشرك بالله فهو عابد لنفسه بطاعة هواها، وعابد لشيطان الوهم بقبول إغوائه وطاعته، أو كل ما يعبد من دون الله لأنه ممكن وكل ممكن فهو متأثر عن الغير قابل لتأثيره محتاج إليه وهي صفة الإناث { نصيباً مفروضاً } أي: غير المخلصين الذين أخلصوا دينهم بالتوحيد { ولآمرنهُم } بالعادات الفاسدة والأهواء المردية والأفعال الشنيعة المخالفة للعقل والشرع { والذين آمنوا } الإيمان الحقيقيّ التوحيد، لأنهم في مقابلة المشركين { وعملوا } ما يصلح لهم في الوصول إلى الجمع أو يصلح للناس أجمعين بالاستقامة في الله وبالله بعد الفناء وحصول البقاء { سندخلهم } الجنات الثلاثة المذكورة { ليس } حصول الموعود { بأمانيكم ولا أمانيّ أهل الكتاب } أي: ما بقيتم مع نفوسكم وصفاتها وأفعالها، فإرادتكم مجرّد تمنٍ والتمني طلب ما يمتنع وجوده في العادة.
{ ومن أحسن ديناً } أي طريقاً { ممن أسلم وجهه } أي: وجوده { لله } وأخلص ذاته من شوب الآنية والإثنينية بالفناء المحض { وهو محسن } مشاهد للجمع في عين التفصيل، مراعٍ لحقوق تجليات الصفات وأحكامها، سالك طريق الإحسان بالاستقامة في الأعمال { واتبع مِلّة إبْرَاهيم } في التوحيد { حَنِيفاً } مائلاً عن كلّ شرك في ذاته وصفاته وأفعاله، وعن كلّ دين باطل، أي: طريق يؤدّي إلى إثبات فعل لغيره أو صفة أو ذات، إذ دينه دين الحق، أعني: سيره حينئذ سير إلى الله لا سير في الله بسلوك طريق الصفات، ولا إلى الله بقطع صفات النفس ومناهل صفات القلب، فلا دين أحسن من دينه.
{ واتّخذَ الله إبراهيم خليلاً } يخاله، أي: يداخله في خلال ذاته وصفاته بحيث لا يذر منها بقية، أو يسدّ خلله ويقوم بدل ما يفنى منه عند تكميله وفقره إليه. فالخليل وإن كان أعلى مرتبة من الصفي، لكنه أدون من الحبيب، لأن الخليل محبّ يوشك أن يتوهم فيه بقية غيرية، والحبيب محبوب لا يتصوّر فيه ذلك. ولهذا ألقي في نار العشق دونه.