التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ
٦٣
قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ
٦٤
قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ
٦٥
-الأنعام

تفسير القرآن

{ قل من ينجيكم من ظلمات البرّ } التي هي حجب الغواشي البدنية والصفات النفسانية { و } ظلمات { البحر } التي هي حجب صفات القلوب وفكر العقول { تدعونه } إلى كشفها { تضرّعاً } في نفوسكم { وخفية } في أسراركم { لئن أنجيتنا من هذه } الحجب { لنكوننّ من } الذين شكروا نعمة الإنجاء بالاستقامة والتمكين { قل الله ينجيكم منها } بكشف تلك الحجب بأنوار تجليات صفاته { ومن كل كرب } أي: ما بقي في استعدادكم بالقوة من كمالاتكم بإبرازها حتى لو كانت بقية من بقايا وجودكم كرباً لكم لاستعدادكم للفناء والخلاص منها بالكلية لقوة الاستعداد وكمال الشوق لأنجاكم منها { ثم أنتم } بعد علمكم بهذا المقام الشريف وما ادّخر لكم { تشركون } به أنفسكم وأهواءكم فتعبدونها.
{ قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم } باحتجابكم بالمعقولات والحجب الروحانيات { أو من تحت أرجلكم } باحتجابكم بالحجب الطبيعية { أو يلبسكم شيعاً } أو يخلطكم فرقاً متفرقة كل فرقة على دين قوة من قواكم هي أمامهم تقابل الفرقة الأخرى فيقع بينكم الهرج والمرج والقتال، أو فرقاً مختلفة العقائد كل فرقة على دين دجال أو شيطان أنسيّ أو جنيّ هو إمامهم، أو يجعل أنفسكم شيعاً باستيلاء كل قوة من قواكم على القلب بطلب لذتها المخصوصة بها، إحداها تجذبه إلى غضب والأخرى إلى شهوة أو طمع أو غير ذلك، فيغرق القلب عاجزاً فيما بينهم، أسيراً في قبضتهم، كلما همّ بتحصيل لذة هذه منعته الأخرى، ويقع بينهم الهرج والمرج في وجودكم لعدم ارتياضهم بسياسة رئيس واحد قاهر يقهرهم ويسوسهم بأمر وحدانيّ يقيم كلاًّ منهم في مقامها، مطيعة منقادة فتستقيم مملكة الوجود ويستقرّ الملك على رئيس القلب. وعلى هذا التأويل يكون كل واحد منهم فرقة أو فرقاً متفرقة على أديان شتى لا شخصاً واحداً.