التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ
٢٠١
وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ
٢٠٢
وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ ٱجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يِوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـٰذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٢٠٣
وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْآنُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٢٠٤
وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ
٢٠٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ
٢٠٦
-الأعراف

تفسير القرآن

{ إنّ الذين اتّقوا } الشرك { إذا مسّهم طائف } لمسة { من الشيطان } بنسبة الفعل إلى الغير { تذكروا } مقام التوحيد ومشاهدة الأفعال من الله { فإذا هم مُبْصِرون } فعالية الله، فلا يبقى شيطان ولا فاعل غير الله في نظرهم. وإخوان الشياطين من المحجوبين { يمدّونهم } في نسبة الفعل إلى غيره فلا يقصرون من العناد والمراء والجهل { لولا اجْتَبَيتها } أي: هلا اجتمعتها من تلقاء نفسك { قل إنما أتّبع ما يُوحى إليّ من ربّي } أي: لا افتعل بنفسي، بل أبلغ عن الله ولا أقول إلا ما يوحى إليّ منه به لأني قائم به لا بنفسي { فاستمعوا له } أي: إلى الله ولا تستمعوا إلا منه { وأنصتوا } عن حديث النفس وغيره، فإنّ المتكلم به هو الله { لعلّكم تُرْحَمون } برحمة تجلي المتكلم في كلامه بصفاته وأفعاله { واذكر ربك } حاضراً { في نفسك } كقوله تعالى: { { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [الأحزاب، الآية: 21]. { تَضَرعاً } في مقام التفصيل للجمع { وخِيفَة } في السر من النفس أو خيفة أن يكون للنفس فيه نصيب { ودون الجَهْر } أي: دون أن يظهر لك التضرع والذكر منك، بل تكون ذاكراً به له في غدوّ ظهور نور الروح وإشراقه وغلبته، وآصال غلبات صفات النفس وقواها { ولا تكن } في حال من الأحوال، وخصوصاً حال غلبات النفس وصفاتها { من الغافلين } عن شهود الوحدة الذاتية.
{ إنّ الذين عند ربّك } بالتوحيد والفناء فيه باقين به ذوي الاستقامة { ولا يسْتَكْبرون عن عبادَتِه } بسبب احتجابهم بالأنائية بل يشاهدون التفصيل في عين الجمع فيذعنون له { ويسبّحونه } ينزّهونه عن الشرك بنفي الأنائية { وله يَسْجدون } بالفناء التام، وطمس البقية، وآثار الأينة، والله الباقي بعد فناء الخلق.