التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ
٢٩
فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ
٣٠
-الأعراف

تفسير القرآن

{ قل أمر ربي بالقسط } أي: العدالة والاستقامة { وأقيموا وجوهكم } ذواتكم الموجودة بمنعها عن الميل والزيغ إلى طرفي الإفراط والتفريط في العدالة، وعن التلوينات في الاستقامة { عند كل مسجد } أي: كل مقام سجود أو وقت سجود، والسجود أربعة أقسام: سجود الانقياد والطاعة وإقامة الوجه فيه بالإخلاص، والاجتناب عن الرياء والنفاق في العمل لله، والالتفات إلى الغير فيه، ومراعاة موافقة الأمر مع صدق النية والامتناع عن المخالفة في جميع الأمور وهي العدالة وسجود الفناء في الأفعال وإقامة الوجه فيه بالقيام بحقه بحيث لا يرى هو مؤثراً غير الله ولا يرى مؤثراً من نفسه ولا من غيره، وسجود الفناء في الصفات، وإقامة الوجه عنده بالمحافظة على شرائطه بحيث لا يرى زينة ذاته بها ولا يريد ولا يكره شيئاً من غير أن يميل إلى الإفراط بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا إلى التفريط بالتسخط على المخالف وسجود الفناء في الذات، وإقامة الوجه عنده بالغيبة عن البقية، والانطماس بالكلية والامتناع عن إثبات الأنية والإثنينية فلا يطغى بحجاب الأنائية ولا يتزندق بالإباحة وترك الطاعة. { وادْعوه مُخْلِصين له الدين } في المقام الأول بتخصيص العمل لله به، وفي الثاني والثالث برؤية الدين والطاعة من الله، وفي الرابع برؤيته بالله، فيكون الله هو المتدين بدينه ليس لغيره فيه نصيب { كما بدأكم } بإظهاركم واختفائه { تعودون } بفنائكم فيه واختفائكم ليظهر.
{ فريقاً هدى } إليهم بهذا الطريق { وفريقاً حقّ عليهم } كلمة { الضلالة } بسبب اتخاذهم شياطين القوى النفسانية الوهمية والتخيلية { أولياء من دون الله } لمناسبة ذواتهم في الظلمة والكدورة والبعد عن معدن النور إياهم، والجنسية التي بينهم في الركون إلى الجهة السفلية، والميل إلى الزخارف الطبيعية { ويحسبون أنهم مُهْتَدون } لأنّ سلطان الوهم بالحسبان.