التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
٥
-يونس

روح البيان في تفسير القرآن

{ هو الذي } [اوست آن خداونديكه بقدرت] { جعل الشمس ضياء } اى صيرها ذات ضياء للعالمين بالنهار لان المعنى لا يحمل على العين او خلقها وانشأها حال كونها ذات ضياء واصله ضواء قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها والشمس مأخوذ من شمسة القلادة وهي اعظم جواهرها جرما وانفسها قيمة وهي التي يقال لها بالفارسية [ميكانكين] وانما سميت بذلك لتوسطها بين الكواكب كذا في شرح التقويم { والقمر } سمي بذلك لكونه بياضا في صفرة يقال حمار اقمر اذا كان ابيض في صفرة { نورا } اى ذا نور بالليل والضياء اقوى بحكم الوضع والاستعمال ولذا نسب الضياء الى الشمس والنور الى القمر. وعند الحكماء الضياء ما يكون بالذات كما للشمس في نفسه جرم مظلم صقيل يقبل النور فعند المقابلة يمتلئ نورا من الشمس بطريق الانعكاس فيقع ذلك الشعاع على وجه الارض

نورهستى جملة ذرات عالم تا ابد ميكنند از مغربي جون ماه از مهر اقتباس

قال في اسئلة الحكم هذا مدفوع بالخبر الوارد ان الله تعالى خلق شمسين نيرين قبل خلق الافلاك فالشمس والقمر خلقهما من نور عرشه وكان في سابق علمه ان يطمس نور القمر كما روى ان الله خلق نور القمر سبعين جزأ وكذا نور الشمس ثم امر جبريل فمسحه بجناحيه فمحا من القمر تسعة وستين جزأ فحولها الى الشمس فاذهب عنه الضوء وابقى فيه النور والشمس مثل الارض مائة وستا وستين مرة وربعا ثم جرم الارض والقمر حزء من تسعة وثلاثين وربع على ما في الواقع وفي الخبر ان وجوههما الى العرش وظهورهما الى الارض تضيئ وجوههما لاهل السموات السبع وظهورهما لاهل الارضين السبع والمشهور انه اذا كان على وجه الارض نهار يكون فيما تحت الارض ليل وبالعكس كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ان في الارض الثانية خلقا وجوههم وابدانهم وايديهم كوجوه بني آدم وابدانهم وايديهم وافواههم كافواه الكلاب وارجلهم وآذانهم كارجل البقر واذانها وشعورهم كصوف الضأن لا يعصون الله طرفة عين ليلنا نهارهم ونهارنا ليلهم كما في ربيع الابرار. وبعضهم فضل القمر على الشمس لان القمر مذكر والشمس مؤنث والتذكير اصل والتانيث فرع فالفضل للاصل على الفرع وهو الاصح الاشهر وتقدم الشمس في الذكر لا يوجب الافضلية اذ قد يتأخر الاشرف في القرآن كقوله تعالى { { فمنكم كافر ومنكم مؤمن } } { { وجعل الظلمات والنور } كما في اسئلة الحكم. يقول الفقير الكلام في التذكير والتأنيث الحقيقى دون اللفظي وكون القمر مذكرا لفظا لا يوجب الفضل على ما هو مؤنث لفظا وقد يسمى الرجل بطلحة وهو مؤنث لفظي مع ان الرجل افضل من المرأة: ونعم ما قيل

ولا التانيث عار لاسم شمس ولا التذكير فخر للهلال

وجعل الله للشمس سلطانا على جميع الطبائع النباتية والمعدنية والحيوانية ما نبت زرع ولا خرجت فاكهة ولا يكون في العالم طعم ولذة الا والشمس تربيها بامر الواحد القهار ويقال الثمرة ينضجها الشمس ويلونها القمر ويعطي طعمها الكواكب قيل اوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام ان كن للناس في الحلم كالارض تحتهم وفي السخاء كالماء الجاري وفي الرحمة كالشمس والقمر فانهما يطلعان على البر والفاجر: قال الحافظ قدس سره

نظر كردن بدويشان منافئ بزركى نيست سليمان با جنان حشمت نظرها بودبامورش

قال في التأويلات النجمية ان الله تعالى خلق الروح نورانيا له ضياء كالشمس وخلق القلب صافيا كالقمر قابلا للنور والظلمة وخلق النفس ظلمانية كالارض فمهما وقع قمر القلب في مواجهة شمس الروح يتنور بضيائها ومهما وقع في مقابلة ارض النفس تنعكس فيه ظلمتها ويسمى لقلب قلبا لمعنيين. احدهما انه خلق بين الروح والنفس فهو قلبهما. والثاني لتقلب احواله تارة يكون نورانيا لقبول فيض الروح وتارة يكون ظلمانيا لقبول النفس انتهى. قال حضرة شيخنا العلامة ابقاه الله بالسلامة في بعض تحريراته نحن بين النورين نور شمس الحقيقة ونور قمر الشريعة فاذا جاء نهار الحقيقة نستضيء بنور شمسها واذا جاء ليل الشريعة نستضيء بنور قمرها ونحن ارباب النورين من النور الى النور نسير وبالنور الى النور نطير وحالنا بين التجلى والاستتار فعند تجلي النور الالهي لقلوبنا وارواحنا واسرارنا يكفي لنا هذا النور ولا حاجة الى غيره وعند استتاره عن قلوبنا وارواحنا واسرارنا يكفي لنا هذا النور ولا حاجة الى غيره وعند استتاره عن قلوبنا وارواحنا واسرارنا يكفي لنا هذا النور ولا حاجة الى غيره وعند استتاره عن قلوبنا وارواحنا واسرارنا يكفي لنا بدله وهو نور قمر الشريعة ولا حاجة الى غيره انتهى يا جمال { وقدره منازل } اي وهيا لكل من الشمس والقمر منازل لا يجاوزها ولا يقصر دونها فحذف حرف الجر ومنازل الشمس هي البروج الاثنا عشر. ثلاثة بروج منها بروج الربيع. وهي الجمل والثور والجوزاء. فهذه الثلاثة ربيعية شمالية والشمال يسار القبلة وانما سميت بهذه الاسامي لان الكواكب المركوزة في الفلك مشكلة في كل برج بشكل مسماه وقت التسمية وثلاثة منها بروج الصيف. وهي السرطان والاسد والسنبلة. وابتداء السرطان من نقطة الانقلاب الصيفي فهذه الثلاثة صيفية شمالية وثلاثة منها بروج الخريف. وهي الميزان والعقرب والقوس. وابتداء الميزان من نقطة الاعتدال الخريفي فهذه الثلاثة خريفية جنوبية وثلاثة منها بروج الشتاء. وهي الجدى والدلو والحوت. وابتداء الجدى من الانقلاب الشتوي فهذه الثلاثة شتوية جنوبية والجنوب يمين القبلة ويجمعها هذان البيتان في نصاب الصبيان

برجها دائم كه ازمشرق بر آورند سر جملة در تسبيح ودر تهليل حي لا يموت
جون حمل جون ثور جون جوزا وسرطان واسد سنبلة ميزان وعقرب قوس وجدى ودلو وحوت

تسير الشمس في كل واحد من هذه البروج شهرا وتنقضى السنة بانقضائها ويعلم مدة سكون الشمس في كل برج حتما: قال في النصاب ايضا

خور بجوزاست سى ودر ويكبيست حمل وثور وشير يابس وبيش
دلو وميزان وحوت وعقرب سى بيست نه قوس وجدى بى كم وبيش

فتكون السنة الشمسية وهي مدة وصول الشمس الى النقطة التي فارقتها من ذلك البرج ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع على ما في صدر الشريعة. ومنازل القمر ثمان وعشرون منزلة وهذه المنازل مقسومة على البروج الاثني عشر لكل برج منزلتان وثلث فينزل القمر كل ليلة منهما منزلة فاذا كان في آخر منازله دق واستوقس ويستتر ليلتين ان كان الشهر ثلاثين وليلة واحدة ان كان الشهر تسعة وعشرين ويكون مقام الشمس في كل منزلة منها ثلاثة عشر يوما وهذه المنازل هي مواقع النجوم التي نسبت اليها العرب الانواء المستمطرة وستاتي عند قوله { { واذا اذقنا الناس
}
الآية واول هذه المنازل السرطان. والثاني البطين كزبير وهي ثلاثة كواكب صغار كأنها اثافى وهو بطن الحمل. والثالث الثريا بالضم وفتح الراء والياء المشددة وهي ستة كواكب وقع كل اثنين منها في مقابلة الآخر. والرابع الدبران محرّكة. والخامس الهقعة وهي ثلاثة كواكب بين منكبي الجوزاء كالاثافي اذا طلعت مع الفجر اشتد حر الصيف. والسادس الهنعة منكب الجوزاء الايسر وهي خمسة انجم مصطفة ينزلها القمر. والسابع الذراع وهي ذراع الاسد المبسوطة وللاسد ذراعان مبسوطة ومقبوضة وهي تلي الشام والقمر ينزل بها والمبسوطة تلي اليمن وهي ارفع من السماك وامدّ من الاخرى وربما عدل القمر فنزل بها تطلع لاربع يخلون من تموز وتسقط لاربع يخلون من كانون الاول. والثامن النثرة وهي كوكبان بينهما مقدار شبر وفوقهما شيء من بياض كأنه قطعة سحاب ويقال لهما ايضا عند اهل النجوم انف الاسد والتاسع الطرف من القوس ما بين السية والانهران او قريب من عظم الذراع من كبدها والانهران العواء والسماك لكثرة مائهما والعاشر الجبهة وهي اربعة كواكب ثلاثة منها مثلثة كالاثافي وواحد منفرد. والحادي عشر الزبرة بالضم كوكبان نيران بكاهل الاسد ينزلهما القمر. والثاني عشر العواء وهي خمسة كواكب او اربعة كأنها كتابة الف. والرابع عشر السماك ككتاب نجمان نيران والخامس عشر الغفر وهي ثلاثة انجم صغار. والسادس عشر الزباني بالضم كوكبان نيران في قرني العقرب والسابع عشر الاكليل بالكسر اربعة انجم مصطفة. والثامن عشر القلب وهو نجم من المنازل والتاسع عشر الشولة وهي كوكيان نيران ينزلهما القمر يقال لها ذنب العقرب والعشرون النعائم بالفتح اربعة كواكب نيرة. والحادى والعشرون البلدة بالضم ستة كواكب صغار تكون في برج القوس وتنزلها الشمس في اقصر ايام السنة. قال في القاموس البلدة رقعة من السماء لا كواكب بها بين النعائم وبين سعد الذابح ينزلها القمر وربما عدل عنها فنزل بالقلادة وهي ستة كواكب مستديرة تشبه القوس اهـ. والثاني والعشرون سعد الذابح كوكبان نيران بينهما قيد ذراع وفي نحر احدهما كوكب صغير لقربه منه كأنه يذبحه. والثالث والعشرون سعد بلع كزفر معرفة منزل للقمر طلع لما قال الله تعالى { { يا ارض ابلعي ماءك } وهو كوكبان مستويان في المجرى احدهما خفى والآخر مضيئ يسمى بلع كأنه بلع الآخر وطلوعه لليلة تمضى من آب والرابع والعشرون سعد السعود. والخامس والعشرون سعد الاخبية وهي كواكب مستديرة. قال في القاموس سعود النجوم عشرة سعد بلع وسعد الاخبية وسعد الذبائح وسعد السعود وهذه الاربعة من منازل القمر وسعد ناشرة وسعد الملك وسعد البهام وسعد الهمام وسعد البارع وسعد مطر وهذه الستة ليست من المنازل كل منها كوكبان بينها في المنظر نحو ذراع والسادس والعشرون فرغ الدلو المقدم. والسابع والعشرون فرغ الدلو المؤخر. قال في القاموس في الغين المعجمة فرغ الدلو المقدم والمؤخر منزلان للقمر كل واحد كوكبان كل كوكبين في المرأى قدر رمح. والثامن والعشرون الرشاء ويقال له ايضا بطن الحوت وهي كواكب صغار مجتمعة في صورة الحوت وفي سرتها نجم نير. والسنة القمرية عبارة عن اجتماع القمر من الشمس اثنتى عشر مرة وزمان هذه يتم في ثلاثمائة واربعة وخمسين يوما وكسر وهو ثمان ساعات وثمان واربعون دقيقة. قال في شرح التقويم ارباب هذه الصناعة ما وجدوا زمان شهر واحد اقل من تسعة وعشرين يوما او اكثر من ثلاثين وكذا ما وجدوا زمان سنة واحدة اقل من ثلاثمائة واربعة وخمسين يوما او اكثر من ثلاثمائة وخمسة وخمسين فعدد ايام كل سنة اما ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما او ثلاثمائة وخمسة وخمسون. واعلم ان الله تعالى جعل الدورة المحمدية دورة قمرية كما قال (ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا) تنبيها منه تعالى للعارفين من عباده ان آية القمر ممحوّة عن العالم الظاهر لمن اعتبر وتدبر في قوله { { لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر } اي في علو المرتبة والشرف فكان ذلك تقوية لكتم آياتهم التي اعطاها للمحدثين العربيين واجراها واخفاها فيهم كذا في عقله المستوفز لحضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر. قال شيخنا العلامة ابقاه الله بالسلامة في كتاب اللائحات البرقيات له مرتبة الالوهية وفي المراتب الكونية الآفاقية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الكرسى واللوح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة العرش والقلم وفي المراتب الكونية الانفسية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الروح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة السر انتهى باجمال. ثم لحروف ظاهر النفس الرحمانى منازل عدد منازل القمر ويقال لها التعينات وهي العقل الاول ثم النفس الكلية ثم الطبيعية الكلية ثم الهباء ثم الشكل الكلى ثم العرش ثم الكرسي ثم الفلك الاطلس ثم المنازل ثم سماء كيوان ثم سماء المشتري ثم سماء المريخ ثم سماء الشمس ثم سماء الزهرة ثم سماء عطارد ثم سماء القمر ثم عنصر النار ثم عنصر الهواء ثم عنصر الماء ثم عنصر التراب ثم المعدن ثم النبات ثم الحيوان ثم الملك ثم الجن ثم الانسان ثم المرتبة وفي مقابلتها على الترتيب حروف باطن النفس الرحماني وهي الاسم البديع ثم الباعث ثم الباطن ثم الآخر ثم الظاهر ثم الحكيم ثم المحيط ثم الشكور ثم الغنى ثم المقتدر ثم الرب ثم العليم ثم القاهر ثم النور ثم المصور ثم المحصى ثم المبين ثم القابض ثم المحيى ثم المميت ثم العزيز ثم الرزاق ثم المذل ثم القوي ثم اللطيف ثم الجامع ثم الرفيع ولو تفطنت حروف التهجى وجدتها على هذا الترتيب كما رتب اهل الاراء وهي الهمزة ثم الهاء ثم العين ثم الحاء المهملة ثم الغين المعجمة ثم القاف ثم الكاف ثم الجيم ثم الشين المنقوطة ثم الياء المثناة ثم الضاد المعجمة ثم اللام ثم النون ثم الراء المغفلة ثم الطاء المهملة ثم الدال المهملة ثم التاء المثناة من فوق ثم الزاى ثم السين المهملة ثم الصاد المهملة ثم الظاء المعجمة ثم الثاء المثلثة ثم الذال المنقوطة ثم الفاء ثم الباء الموحدة ثم الميم ثم الواو فسبحان من اظهر بالنفس الرحمانى هذه المنازل في الانفس والآفاق ارادة كمال الوفاق { لتعلموا عدد السنين والحساب } اي حساب الاوقات من الاشهر والايام والليالى والساعات لصلاح معاشكم ودينكم من فرض الحج والصوم والفطر والصلاة وغيرها من الفروض { ما خلق الله ذلك } المذكور من الشمس والقمر على ما حكى بحال ما من الاحوال { الا } ملتبسا { بالحق } مراعيا لمقتضى الحكمة البالغة وهو ما اشير اليه اجمالا من العلم باحوال السنين والاوقات المنوط به امور معاملاتهم وعباداتهم فليس في خلقه عبث باطل اصلا -حكى- ان رجلا رأى خنفساء فقال ماذا يريد الله تعالى من خلق هذه أحسن شكلها ام طيب ريحها فابتلاه الله بقرحة عجز عنها الاطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى في الدرب فقال هاتوه، حتى ينظر فى امرى فقالوا ما تصنع بطرقى وقد عجز عنك حذاق الاطباء فقال لا بدّ لي منه فلما احضروه ورأى القرحة استدعى بخفساء فضحك الحاضرون فتذكر العليل القول الذي سبق منه فقال احضروا ما طلب فان الرجل على بصيرة فاحرقها ووضع رمادها على قرحته فبرئت باذن الله تعالى فقال للحاضرين ان الله تعالى اراد ان يعرفنى ان اخس المخلوقات اعز الادوية وان في خلقه حكمة { يفصل الآيات } التكوينية المذكورة الدالة على وحدانيته وقدرته ويذكر بعضها عقيب بعض مع مزيد الشرح والبيان { لقوم يعلمون } الحكمة في ابداع الكائنات فيستدلون بذلك على شئون مبدعها وخص العلماء بالذكر لانهم المنتفعون بالتأمل فيها