التفاسير

< >
عرض

فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلاۤءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ
١٠٩
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ فلا تك } اصله لا تكن حذفت النون لكثرة الاستعمال اى اذا تبين عندك ما قصصت عليك من قصص المتقدمين وسوء عاقبتهم فلا تكن { فى مرية } اى فى شك { مما يعبد هؤلاء } ما مصدرية اى من جهة عبادة هؤلاء الحاضرين من المشركين وكن على يقين فى انها ضلال سيئ العاقبة كأنه قيل لم لا اكون فى شك فاجيب لانهم { ما يعبدون الا كما } كان { يعبد آباؤهم من قبل } اى حالهم كحال آبائهم من غير تفاوت فهم على الباطل والتقليد على الحق والتحقيق.
وفيه اشارة الى ان اهل الفترة الذين عبدوا الاصنام من اهل النار فان الذى ينادى على ذلك { وانا لموفوهم } توفية الشيئ تأديته واعطاؤه على وجه التمام والضمير لهؤلاء الكفرة { نصيبهم } اى حظهم المتعين لهم من العذاب الدنيوى والاخروى كما وفينا آباءهم انصباءهم المقدرة حسب جرائمهم فسيلحقهم مثل ما لحق بآبائهم فان التماثل فى الاسباب يقتضى التماثل فى المسببات.
فان قيل لا سبب عندنا الا الله.
قلنا يكفينا السببية العادية وهو ما يفضى الى الشيء بحسب جريان العادة { غير منقوص } حال مؤكدة من النصيب كقوله
{ { هو الحق مصدقا } وفائدته مع دفع توهم التجوز تقرير ذى الحال اى جعله مقررا ثابتا لا يظن انه غيره.
وفى الآية ذم للتقليد وهو قبول قول الغير بلا دليل وهو جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقاديات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد صحيح عند الحنفية والظاهرية وهو الذى اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وارسال الرسل وما جاؤا به حقا من غير دليل لان النبى صلى الله عليه وسلم قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والاماء من غير تعليم الدليل ولكنه يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه ولا يحصل اليقين الا بترك التقليد وبالوصول الى عين التوحيد: قال المولى الجامى قدس سره

سيراب كن زبحر يقين جان تشنه را زين بيش خشك لب منشين برسر آب ريب

ثم ان اهل التقليد وارباب الطبيعة انما يعبدون الدنيا والهوى فى الحقيقة فلا بد من ترك الهوى واتباع الهدى.
يقال لما وقع الازدواج بين آدم وحواء وقع الازدواج بين ابليس والدنيا فتولد من الازدواج الاول نوع البشر ومن الثانى الهوى فجميع الاديان الباطلة والاخلاق المذمومة من تأثير ذلك الهوى.
قال بعض المحققين لما جعل الله سلطان الروح ملكا فى ملك البدن وجعل العقل وزيره جعل النفس خليلة الروح فمالت النفس الى الهوى فسئل الوزير عن حالها فقال وزير العقل ايها الملك ان ههنا مسمى بالهوى قد اضل النفس فتوجه الروح الى الله تعالى بالتضرع والابتهال فانقادت النفس للروح بالصلاح وحسن الحال فمن اراد اصلاح نفسه فليرجع الى القادر المتعال.
يقال ان ضرر البدعة والهوى اكثر من ضرر المعصية فان صاحب المعصية يعلم قبحها فيستغفر ويتوب بخلاف صاحب البدعة والهوى.
ثم ان البدعة والهوى عندنا معاشر الصوفية خلاف العمل بسنة النبى عليه السلام وسنة الاصحاب العظام وسنة المشايخ الكرام والاتباع بالعقل الجزئى والطبع فى كل فعل وترك. فعلى السالك ان لا يخالف السنن مطلقا ولا يخرج عن آثار الاخيار ولا يلتفت الى طعن الاغيار فان الحق احق ان يتبع

دين ما عشقست اى زاهد مكوبيهوده بند ما بترك دين خود كفتن تخواهيم ازكذاف